الثورة- منهل إبراهيم:
ترتبط السياسة لاسيما الخارجية منها باقتصاد الدول إلى حد كبير، ويؤدي نجاح السياسة الخارجية في أغلب الأحيان لنجاح الاقتصاد الداخلي والخارجي على حد سواء.
وفي هذا السياق تلفت القناة الإخبارية الأوروبية “يورونيوز” إلى أن الوضع الاقتصادي في إيران يتفاقم تحت وطأة ضغوط متجددة، إذ بات مصير البلاد الاقتصادي مرتبطاً أكثر فأكثر بالتطورات السياسية القادمة من واشنطن.. ففي ظل استمرار سياسة “الضغط الأقصى” التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومع استمرار المفاوضات النووية، تشهد الأسواق المالية تقلبات حادة، فيما تنهار البنية التحتية للطاقة ويزداد الضغط على شبكة الكهرباء الوطنية.
وتؤكد “يورونيوز ” أن الريال الإيراني، والإنتاج الصناعي، والطاقة، جميعها تخضع لضغط هائل، إذ أصبحت أسعار صرف العملات الأجنبية تتقلب بسرعة مع كل تصريح يخرج من البيت الأبيض. وعلى الرغم من الآمال المعلقة على حل دبلوماسي، إلا أن المشكلات البنيوية للاقتصاد الإيراني لا تزال قائمة في قطاعات عدة، من البنوك إلى الخدمات العامة.
ويرى مراقبون أن الاعتماد المفرط على رفع العقوبات كاستراتيجية، قد فشل في معالجة جذور الأزمة الداخلية. وأضافت “يورونيوز ” أن كمال سيد علي، نائب محافظ البنك المركزي الإيراني السابق قال: “الواقع هو أن اقتصادنا يتفاعل بشكل حاد مع التطورات السياسية، وإذا عاد شبح الحرب الشاملة، فإن سعر الدولار سيسجل أرقاماً قياسية جديدة”.
وقد هبط الريال إلى 1.05 مليون مقابل الدولار في آذار، بعد أن لوّح ترامب باحتمال تدخل عسكري إذا رفضت طهران العودة إلى طاولة التفاوض، ثم تعافى قليلاً مع بدء المحادثات في عُمان، قبل أن يعاود الهبوط مع تعثر المفاوضات.
وأوضحت “يورونيوز” أنه في نيسان اعترف وزير الطاقة الإيراني عباس علي آبادي بأن محطات الطاقة في البلاد تنتج فقط 65 ألف ميغاواط سنوياً، في حين أن البلاد بحاجة إلى 85 ألف ميغاواط لتلبية الطلب ما أدى إلى انقطاعات متكررة للكهرباء، أثّرت على توزيع المياه، والاتصالات، وخدمات الإنترنت.
انتقادات داخلية وفي المدن الكبرى، أصبحت الانقطاعات أمراً روتينياً، وتحدث متصلون بوسائل إعلام فارسية مثل “إيران إنترناشونال” عن فشل متسلسل في الخدمات، حيث تؤدي انقطاعات الكهرباء إلى انقطاع الهاتف، وحرمان المواطنين من المياه النظيفة حسب ما أوردت “يورونيوز”. وتعمقت الأزمة مع دخول البلاد في حلقة مفرغة” انخفاض مستويات المياه يُعوق إنتاج الكهرباء، بينما يؤدي غياب الكهرباء إلى انهيار أنظمة ضخ المياه”.
وتؤكد “يورونيوز” أنه في خضم التوترات مع واشنطن، تتصاعد الانتقادات في الداخل الإيراني بسبب غياب خطة إنقاذ اقتصادي حقيقية، حيث تساءلت صحيفة “كيهان” الإيرانية مؤخراً: “ما الذي تفعله الحكومة غير التفاوض مع الولايات المتحدة؟”، محذرة من أن الدبلوماسية يجب أن تكون وسيلة لتحسين الاقتصاد، لا بديلاً عن الإصلاح الداخلي الضروري.
وقال أفشين مولوي، الباحث في معهد السياسة الخارجية بجامعة جونز هوبكنز الأميركية في تصريحات لـ”يورونيوز”: “سنوات من سوء الإدارة، والفساد والسياسات الخاطئة أدت إلى ضعف أداء اقتصاد من المفترض أن يكون قوة إقليمية كبرى، بدلا من ذلك، أصبح الاقتصاد الإيراني متأخرا عن الركب، ولا يمكن تحميل العقوبات وحدها مسؤولية ذلك”.