روح جديدة تسري في سوريا.. مبادرة من خبير طاقة سوري حول تطوير معايير هندسية حديثة:إعادة إعمار سوريا بكفاءة الطاقة
الثورة – هنادة سمير:
في وقت تزداد فيه الحاجة إلى حلول ذكية ومستدامة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، لا يدخر أبناء سوريا المغتربين في الخارج جهداً في تقديم مبادراتهم مستندين إلى خبراتهم العلمية والتقنية المكتسبة في الدول المتقدمة.
المتخصص في الهندسة الميكانيكية وأنظمة الطاقة والحلول المستدامة والمقيم في السويد المهندس عبد القادر وانلي، أطلق مبادرة طموحة تهدف إلى بناء بنية تحتية حديثة في سوريا، ترتكز على كفاءة الطاقة والالتزام بالمعايير البيئية العالمية.
في الحوار التالي تستعرض الثورة مع المهندس وانلي ملامح المبادرة أهدافها وآليات تنفيذها مستغلين فرصة تواجده في دمشق.
دافع وطني ورؤية علمية
– ما الدافع إلى إطلاق هذه المبادرة وما هي رؤيتكم ؟
يقول المهندس وانلي: مبادرتنا تنبع من إحساس عميق بالمسؤولية الوطنية، فمن واجبنا كسوريين، سواء في الداخل أو الخارج، أن نسخّر ما نملكه من معرفة وخبرة لدعم إعادة الإعمار، وبناء مستقبل مستدام لبلدنا.
وأضاف: تنطلق رؤيتنا من أن تطوير معايير وطنية هندسية سورية لن يكون مجرد خطوة نحو إعادة إعمار سوريا، بل بداية لعصر جديد من الهندسة الوطنية التي تعتمد على الجودة والكفاءة والاستدامة. فهذه المبادرة تضمن بناء وطننا بطريقة صحيحة ومستدامة، وتعزز مكانة المهندسين السوريين كروّاد في مجالاتهم.
– ما الذي يجعل هذه المبادرة ذات أهمية خاصة في المرحلة الحالية التي تمر بها سوريا؟
يوضح المهندس وانلي “تبرز أهمية هذه المبادرة في ضوء الحاجة الملحّة لإعادة إعمار البنية التحتية في سوريا بعد سنوات من الدمار، فهي تمثل فرصة لاعتماد أساليب بناء حديثة ومستدامة، تسهم في تقليل الاعتماد على الموارد التقليدية، وترفع كفاءة الطاقة، وتحسن جودة الحياة، إلى جانب تعزيز الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة والحد من التبعية للخارج في هذا المجال.
– ما أبرز الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من خلال هذه المبادرة؟
يجيب “نهدف من المبادرة إلى:رفع كفاءة الطاقة في مختلف أنواع المباني، عبر تطوير الأنظمة الميكانيكية والطاقة (التدفئة، التبريد، المياه الساخنة، التهوية)، وتوسيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل: الطاقة الشمسية (كهروضوئية وحرارية)،الطاقة الجيوحرارية، طاقة الرياح، الطاقة الحيوية (مثل البيوغاز من النفايات العضوية)، إضافة الى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخفض الانبعاثات الكربونية، وتحسين أنظمة المياه والصرف الصحي، مؤكداً ضرورة نقل التقنيات والخبرات الأوروبية إلى المهندسين السوريين من خلال التدريب وورش العمل والمشاركة في إعداد معايير وطنية حديثة للهندسة والطاقة تتوافق مع المعايير الأوروبية وتخدم الاستدامة.
– ما الذي يجعل هذه المبادرة فعالة من الناحية البيئية؟
يؤكد خبير الطاقة ” نحرص على إرساء مفهوم الاستدامة عبر: استبدال مصادر الطاقة التقليدية بمصادر متجددة صديقة للبيئة، تحسين كفاءة استهلاك الطاقة من خلال أنظمة تحكم ذكي, ترشيد استخدام المياه وتحسين جودتها بواسطة أنظمة معالجة حديثة إلى جانب تقليل التلوث البيئي والانبعاثات الضارة، استخدام مواد بناء وتقنيات تشغيل مستدامة وتعزيز الوعي البيئي لدى المهندسين والمجتمع السوري ككل، مضيفا أن ما يميز هذه المبادرة عن غيرها هو شمولها لقطاعات استراتيجية: الطاقة، البيئة، المياه، والتعليم الفني وقابليتها للتنفيذ عبر مراحل، تبدأ بمشاريع تجريبية، إضافة إلى اعتمادها على خبرات علمية من السويد والاتحاد الأوروبي، وكذلك التركيز على بناء القدرات المحلية للمهندسين بدلاً من الاعتماد الكامل على الخبرات الأجنبية، وقدرتها على جذب تمويل من منظمات دولية بسبب طابعها البيئي والمجتمعي.
– ما هي آليات التنفيذ التي تعتمدونها؟
حول ذلك يوضح المهندس وانلي، نعتمد عدة آليات، منها: إشراك المهندسين المحليين في تطوير الأنظمة المستدامة، وتنظيم دورات تدريبية وورش عمل بالتعاون مع الجامعات والنقابات، إضافة إلى تنفيذ مشاريع تجريبية صغيرة لتقييم الحلول عمليًا قبل التوسع، وضع معايير وطنية للطاقة بالتعاون مع الجهات الحكومية، استخدام نتائج المشاريع التجريبية كنماذج قابلة للتكرار في مدن ومناطق أخرى.
– ما العائد الاقتصادي المتوقع والوفر الذي يمكن أن تحققه الأنظمة الحديثة؟
يؤكد المهندس وانلي أن استخدام الأنظمة الحديثة يحقق وفرا في الطاقة بنسبة ٦٠بالمئة كحد أدنى وهو ما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني عموما، على سبيل المثال فإن إلزام متعهد أو مستثمر يقوم بتركيب نظام تهوية لأحد المباني على إضافة نظام تحكم ذكي يحقق وفراً كبيراً في الطاقة أقله بنسب ٦٠ في المئة، إضافة إلى تخفيض انبعاث الكربون
فرص متاحة للتطبيق
– ما هي فرص التطبيق الفعلي، وما نوع الدعم الذي تحتاجونه؟
يقول: فرص التطبيق مرتفعة، خاصة في المناطق التي بدأت فيها مشاريع إعادة الإعمار، لكن لضمان نجاحها نحتاج إلى دعم حكومي وتشريعي لتبني المعايير الجديدة وتعاون مع الجامعات والمؤسسات لنقل وتطبيق المعرفة ونحتاج كذلك إلى تمويل من جهات مانحة ومنظمات بيئية لتنفيذ المشاريع النموذجية، بالإضافة إلى مشاركة مجتمعية تفاعلية لضمان استمرارية المبادرة وتحقيق أهدافها.
تقدم مبادرة المهندس وانلي رؤية متكاملة لإعادة إعمار مستدام يضمن مستقبلاً أكثر أماناً وازدهاراً للأجيال القادمة وتبقى بحاجة إلى دعم حكومي ومجتمعي ليكون لها الأثر الحقيقي والمستدام في إعادة بناء سوريا على أسس علمية وبيئية رائدة.