الثورة – عبد الحميد غانم:
تحديات كبيرة أمام الحكومة السورية بعد رفع العقوبات، وتساؤلات عديدة حول المطلوب سورياً للاستفادة اقتصادياً بعد رفع العقوبات.
وعن التصورات الممكنة حول هذا الملف يقول الخبير الاقتصادي الدكتور أكرم حوراني: إن المطلوب من الحكومة السورية بعد رفع العقوبات، وضع استراتيجيات ثلاث من الخطط الاقتصادية لإدارة المرحلة الجديدة لعجلة الاقتصاد الوطني.
وأكد الدكتور حوراني في تصريح خاص لـ “الثورة” أن على القائمين في إدارة الاقتصاد السوري أن يضعوا خطة قصيرة الأجل ومتوسطة الأجل وطويلة الأجل، “للتحفيز على النمو في الاقتصاد السوري، وهذا يحتاج إلى فترة من الزمن”.
وأما المطلوب في (خطة قصيرة الأجل)- وفق حوراني، دعم تحسين القدرة الشرائية للمواطنين من أجل تحسين الدخول. وهذا يعني أنه “يجب على الحكومة الجديدة أن تعمل على زيادة الأجور بنسبة كبيرة، لكون هذه الزيادة في الأجور تؤدي إلى زيادة في الطلب”.. معتبراً أن “زيادة الطلب تدفع وتستثمر، وتؤدي إلى زيادة السيولة والاستثمار، وبالتالي إلى زيادة الإنتاج لتغطية الطلب الجديد، لأن الاقتصاد السوري يعاني من حالة ركود”.
فتح الأسواق
وعلى المدى المتوسط، يرى حوراني في استراتيجية (خطة متوسطة الأجل)، “يجب إعادة النظر بقانون الاستثمار كي يؤمن تسهيل دخول الاستثمارات ومنح المزايا والإعفاءات الضريبية وتأمين مصادر الطاقة بأسعار معقولة ومدعومة للمنتجين”.. لافتاً إلى أنه في هذه الخطة توجد أهمية لفتح الأسواق مع الدول العربية والصديقة المجاورة منها، مثل تركيا أو الأجنبية لتسهيل خروج الصادرات من سوريا ودخولها إلى الأسواق العالمية.
كما أنه يتطلب أيضاً- برأي حوراني- أن يكون العالم حالياً متداخلاً اقتصادياً عالمياً ومرتبطاً بعضه ببعض، مشدداً على إعادة النظر في تحسين درجة الكفاءة بسهولة ورفع المستوى التقني للعاملين من خلال برامج وتطوير مناهج التعليم، وخاصة في المعاهد الفنية والتقنية وفي الجامعات أيضاً، لأن المطلوب حالياً من سوق العمل، كما وصفه حوراني بـ “عامل مثقف” متعلم على درجة عالية من الإطلاع، وكيفية العمل على التكنولوجيا المتطورة من خلال برامج الاتصالات والدفع الإلكتروني.
أما استراتيجيات (طويلة الأجل)، فهي تركز على تراكم الأرباح وزيادة رأس المال مع مواجهة تقلبات السوق على مدار عدة سنوات أو عقود.
ويخلص الخبير حوراني إلى أن هناك مهمات عديدة وقاسية أمام القائمين على الاقتصاد وإدارة السياسة النقدية، واعتماد بناء استراتيجيات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، على أن تترافق مع سياسات نقدية تنموية، أي أنها “لا تعتمد فقط على تثبيت سعر الصرف الليرة، لأنها نتيجة وليست قراراً، ولا يمكن تثبيت سعر القطع ما دام هناك إنتاج ضعيف في الاقتصاد”، و الإنتاج القوي هو الذي يؤدي إلى تثبيت سعر الليرة.
واعتبر حوراني أن ما طُرح لا يعتبر إنجازاً، لأنه يتم بسياسات تقشفية أو سياسات حبس السيولة أو خفض الواردات أو منع الواردات أو تقييد الواردات. وقال: “إذا كانت الواردات ضرورية لتحويل عناصر الإنتاج المستوردة، فإن التمويل، وإن كان بأسعار معقولة، يؤدي إلى تحفيز عملية الاستثمار، وبالتالي الإنتاج وزيادة النمو وتخفيف البطالة، وهذا ينعكس-ونأمل ذلك- على كل فرد من أبناء الشعب السوري”.
التشبيك مع الشركات العالمية
فيما يرى عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان، أن المطلوب من الحكومة أن تتركز أولوياتها على موضوعين رئيسيين، هما المساعدات الإنسانية، وموضوع الكهرباء لأهميته في الإنتاج وتشغيل الاقتصاد الوطني.
كنعان أشار إلى أن المطلوب الآن من الحكومة إعادة التشبيك مع الشركات العالمية ومع المنظمات المالية الدولية ومع الحكومات الأجنبية، لأن جميع هؤلاء يريدون أن يقدموا مساعدات إنسانية لسوريا وللشعب السوري، فقد أبدت تلك الأطراف الدولية منذ انتصار الثورة استعدادها لتقديم المساعدات للشعب السوري، ولاسيما التي تشملها رفع العقوبات.
ويرى ضرورة أن تركز الحكومة في المرحلة الراهنة والقادمة على المساعدات الإنسانية، لأن الشركات والجمعيات الخيرية الأوروبية أو الحكومات الأوروبية تهتم كثيراً بالجانب الإنساني، وإعانة الفقراء وتأمين مأوى للنازحين الذين ليس لديهم منازل وتأمين مواد غذائية لهم، ومواد صحية وطبابة ومستوصفات ومستشفيات لاستيعاب هؤلاء وتأمين مدارس لأبناء هؤلاء”.
ويعود تركيز كنعان على أوروبا وأميركا والشركات والحكومات الأجنبية، نظراً لتركيز هذه الجهات على الجانب الإنساني أكثر من تركيزها على جانب البناء، وعليه يجب توجيه الاهتمام محلياً في هذه القطاعات.
تأمين محطات الكهرباء
الأمر الثاني الذي يجب أن تركز عليه الحكومة السورية، كما يؤكد كنعان، هو موضوع الكهرباء، وتعرض هذا القطاع لتدمير كبير من قبل النظام البائد، إذ “تهتم أوروبا والولايات المتحدة ودول الجوار العربي والدول العربية وخاصة دول الخليج العربي بموضوع الكهرباء وتأمينه”.
وقال كنعان: “منذ فجر التحرير ركزت دول الخليج على انقطاع الكهرباء، وركزت السعودية وقطر وتركيا على كيفية تأمين محطات الكهرباء لأنها تساهم بإعادة تشغيل الاقتصاد الوطني، وتشغيل الشركات والحرف والإنتاج والحرفيين وكل هذه القطاعات تتأثر ايجابياً بتحسن الكهرباء”.
ومن هنا يرى كنعان أن المطلوب من الحكومة تنسيقاً عالي المستوى مع الجهات العربية أولاً، والجهات الصديقة المجاورة مثل تركيا وأوروبا لأن لديها الكثير من الجمعيات الخيرية والإنسانية، وأيضاً مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة التنمية العالمية (UNDP)، وكثير من المنظمات الدولية التي تساهم بشكل فعال في تأمين المساعدات الإنسانية من جهة، ومن نواحي الكهرباء والتعليم والصحة من جهة أخرى.
ما بين هاتين الرؤيتين، رؤية ركزت على دور الحكومة ورؤية قدمت مطالب وهموم المواطنين، نلاحظ أن أمام الحكومة السورية تحديات كبيرة وحلولاً وبدائل عدة للنهوض بالاقتصاد، وتفعيل الجهود لتعافي سوريا والاستفادة من الارتياح الاقتصادي والمناخ السياسي الذي أرسته الأجواء الإيجابية لقرار رفع العقوبات، ما يتطلب العمل بجدارة لتحقيق الأهداف المطلوبة.