القلق من الجار الروسي يتزايد في البلطيق.. وليتوانيا تستعد لأسوأ الاحتمالات

الثورة _ راغب العطيه:
ما بين البدء بتدريس مهارات”البقاء على قيد الحياة” واستخدام السلاح، وبين نشر خطط لإخلاء 500 ألف نسمة الذين هم سكان العاصمة الليتوانية فيلنيوس، تعيش ليتوانيا مع بقية دول البلطيق إستونيا، ولاتفيا، قلقاً متزيداً خوفاً من الجار الروسي، بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا.
وأكد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في تقرير خاص له، أنه منذ بداية حرب أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، تزايد القلق في دول شمال وشرق أوروبا بشأن من سيكون الهدف التالي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وغالباً ما تُذكر عند ذلك مولدوفا وجورجيا كدول محتملة لأن تكون هدفا لهجوم روسي، الأمر الذي دفع فنلندا والسويد للانضمام إلى حلف الناتو استجابة لهذا التهديد القادم من الشرق، أما دول البلطيق الثلاث “ليتوانيا، إستونيا، ولاتفيا” فهي أعضاء في كل من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لا يشعر المسؤولون في فيلنيوس بالأمان التام.
وبحسب المركز الأوروبي، يرجع هذا جزئيا إلى أن لا أحد يعرف ما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيلتزم، في حال وقوع هجوم روسي، بالمادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي، التي تلزم جميع أعضاء الحلف بمساعدة أي دولة عضو تتعرض للهجوم. ولم تُغير جهود إعادة التسلح الضخمة التي تبذلها ليتوانيا هذا الواقع، كما لم تُغيره النداءات المستمرة التي وجهتها الحكومة إلى المجتمع الدولي لأخذ التهديد الروسي على بلدان أخرى غير أوكرانيا على محمل الجد.
وينقل تقرير المركز عن نائب وزير الدفاع الليتواني كاروليس أليكسا قوله: “روسيا تُجري استعداداتها وتُوسّع قدراتها العسكرية”، و”أن العالم الغربي يجب أن يدرك ما يسعى إليه بوتين، وهو استعادة روسيا الكبرى”
ويؤكد أليكسا بأن روسيا لن تستسلم حتى تحقق هدفها، ويقول: “من مسؤوليتنا منع نشوب صراع كبير، وأنه سيكون هناك المزيد من التصعيد إذا لم نُظهر قدرتنا على الدفاع عن أنفسنا”.

رفع ميزانية الدفاع

ويأتي في سياق الاستعدادات العسكرية والقرار الذي اتخذه مجلس الدفاع الليتواني في يناير 2025، الذي يتألف من ممثلين عن القيادة السياسية والعسكرية في البلاد، بزيادة ميزانية الدفاع من حوالي 3% إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا من عام 2026 إلى عام 2030، أي ما يعادل 10 مليارات يورو إضافية إلى 14 مليار يورو، كما انضمت ليتوانيا إلى إستونيا ولاتفيا وبولندا وفنلندا في الانسحاب من معاهدة أوتاوا التي تحظر الألغام المضادة للأفراد، وهي خطوة برّرها الخبراء بالتهديد العسكري الذي تُشكّله روسيا المجاورة، لافتين إلى أن موسكو لم تُوقّع قط على معاهدة أوتاوا، وأنها استخدمت ألغاما مضادة للأفراد في حرب أوكرانيا.
وتشكل الألغام عادة، جزءاً من “خط دفاع البلطيق” المتفق عليه بين إستونيا ولاتفيا وليتوانيا في يناير 2024، وسيؤدي ذلك إلى نشر الألغام والمتفجرات بسرعة على الحدود في حالات الطوارئ، بالإضافة إلى بناء حواجز خرسانية وأسوار وخطوط إمداد وحوالي 600 ملجأ.
وأوضح المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أنه رغم كل التحركات والتعزيزات العسكرية، لا تزال هناك نقطة ضعف استراتيجية واضحة تُقلق قادة حلف شمال الأطلسي، وهي ما يُعرف بـ”نقطة ضعف الناتو”، وتتمثل هذه النقطة في “فجوة سووالكي”، وهو الشريط الضيق من الأرض الذي لا يتجاوز طوله 65 كيلومتراً، والذي يربط دول البلطيق ببولندا، وبالتالي بسائر أراضي حلف الناتو، ووُصِفَت هذه المنطقة بإنها “أخطر مكان في العالم”، لأنها تقع بين منطقة كالينينغراد الروسية غربا، وبيلاروسيا الموالية لموسكو شرقا.
وبحسب المركز، إذا قرر بوتين مهاجمة هذه المنطقة، فسيكون بإمكانه، نظريا، عزل دول البلطيق عن باقي أعضاء الناتو بسرعة نسبية، مما يصعّب مهمة تقديم الدعم العسكري لها، ويضع التحالف الغربي أمام اختبار خطير وغير مسبوق.

استعدادات في الخفاء

من جهة أخرى حذّر معهد دراسات الحرب الأميركي، من أن موسكو بدأت بالفعل في الاستعداد بشكل تدريجي لاحتمال شن هجوم على دول البلطيق، وقد استند المعهد إلى تقرير مشترك نُشر في الثاني من مايو 2025عن الوكالتين الروسيتين المستقلتين “ميدوزا” و”أجنستفو”، وجاء فيه أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كتب مقدمة لكتاب عن تاريخ ليتوانيا، ادّعى فيها أن دول البلطيق تتبنى “روايات تاريخية مزورة” تهدف إلى تأجيج المشاعر المعادية لروسيا بين مواطنيها.
وفي تعليقه على هذا الكتاب قال وزير خارجية ليتوانيا، كيستوتيس بودري، بحسب المعهد الأميركي: “إنه يُعد أداة دعائية بامتياز، تهدف إلى تزويد الكرملين بأدبيات علمية تدعم إنكاره لوجود دول مستقلة وتاريخ لجيران روسيا”، وحذّر بودري من أن “مثل هذه السردية قد تُستخدم لاحقا كذريعة لروسيا للمطالبة بحقها في السيطرة على جميع الدول التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي السابق، بما فيها ليتوانيا”.
ونتيجة لهذا القلق المتزايد بدأت المدارس الليتوانية بتدريس مهارات البقاء على قيد الحياة، بما في ذلك كيفية تقديم الإسعافات الأولية واستخدام السلاح، كما نشرت ليتوانيا في ابريل/ نيسان الماضي خطة إخلاء لمدينة فيلنيوس، والتي ستُنقل سكان العاصمة، الذين يزيد عددهم عن 500 ألف نسمة، إلى أماكن آمنة عبر 150 طريقاً مختلفاً في حال تفاقم الوضع، وتقع المدينة على بُعد حوالي 30 كيلومترًا من الحدود البيلاروسية.
ومهما بدت فيلنيوس مثالية، فإن الاستعدادات لأسوأ الاحتمالات تجري على قدم وساق في الخفاء.

 

آخر الأخبار
استئناف تسجيل إجازات السوق.. يعكس حالة الارتياح لدى المواطنين   خبير مالي لـ"الثورة": التوجه الضريبي الجديد يشير إلى توجه اقتصادي واعد سوريا تشارك افتراضياً في أولمبياد الرياضيات الدولي "المجتمع يسأل والمحافظة تجيب".. مؤتمر حلب لتعزيز الشفافية والتواصل بائعو المياه .. فوضى الحضور ..وواقع يومي لمعاناة لا تنتهي!  نقابة المهندسين تتحرك علمياً لمواجهة الحرائق.. لجنة بيئية وتقرير وطني قيد الإعداد إدلب.. وقفات شعبية تعلن دعم الأمن العام وتندد بالعدوان الإسرائيلي الغلاء يهدد المؤونة ويحولها إلى رفاهية.. البامية 35 ألف ليرة والملوخية60 ألفاً استطلاعات رأي تعطي الأولوية لأميركا في العلاقات الاقتصادية على حساب الصين إدانات عربية ودولية: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تهديد لاستقرار المنطقة سوريا تدين الانتهاكات بحق أهلنا في السويداء وتتعهد بمحاسبة المتورطين مجموعة البحث والإنقاذ القطرية تؤكد دعم قطر المتواصل للشعب السوري درعا تستقبل العائلات المتضررة والمهجرة من السويداء ملامح النظام الضريبي الجديد.. الحلاق لـ "الثورة": صفحة جديدة مع قطاع الأعمال تقوم على مبدأ العدل وا... الخطوط الجوية القطرية تستأنف رحلاتها إلى حلب في آب المقبل هل تمارس موسكو ضغوطاً على طهران لإبرام اتفاق "صفر تخصيب" مع واشنطن؟ ماليزيا: لن نسمح بجعل بلادنا مركزاً لتجنيد الإرهابيين أو تمويلهم وادي بردى.. بانتظار مشاريع خدمات وتنمية تُعيد صورتها السياحية والبيئية جنبلاط : إسرائيل تستغل "أحداث السويداء" لإحداث الفوضى مركز الملك سلمان يسلم الكفالة الشهرية لـ600 يتيم في حلب