المرسوم /66/ غطاء قانوني لسرقة أراضي الغير.. أهالي كفرسوسة: ما سرق بالقانون سيعود باسم العدالة الانتقالية

الثورة – ثورة زينية:

اليوم وبعد مضي أكثر من 13 عاماً على بدء معاناتهم مع تبعات المرسوم 66 الذي أصدره آنذاك رأس النظام البائد بشار الأسد، يعود أهالي وسكان المنطقة التنظيمية الأولى شرقي المزة، وجنوبي شرقي المزة، وكفرسوسة، واللوان، للمطالبة بإنصافهم بعد أن نهبت حقوقهم تحت مسمى إنشاء مدن ذكية وحديثة.

واليوم، وبعد انتصار الثورة السورية والتخلص من عهد الظلم والاستبداد، يستبشر هؤلاء المهدورة حقوقهم بالعهد الجديد على أمل استعادة تلك الحقوق، والفوز بمسكن يليق بكرامة الإنسان السوري، مطالبين في شكوى قدموها لـصحيفة الثورة بإلغاء المرسوم 66 بالكامل، واسترداد أراضيهم وحقوقهم ووقف مشاريع “ماروتا” و”باسيليا” فوراً، ورفض بيع وترويج عقاراتهم من دون تفويض منهم، وتقديم تعويضات عادلة، وسكن بديل مجاني، وتمكين أصحاب الحقوق من تطوير مناطقهم، وإلغاء القوانين الجائرة التي مهّدت للنهب وتفعيل العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين.

الحق لا يسقط بالتقادم

وحسب شكوى المتضررين من المرسوم 66، فإن الحق لا يسقط بالتقادم، وما سرق باسم القانون، سيعود باسم العدالة الانتقالية، التي نص عليها الإعلان الدستوري الناظم للمرحلة الانتقالية الصادر في آذار الماضي، وتنص المادة 16 على أن حق الملكية الخاصة مصون، ولا تنزع إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل.

بداية القصة انطلقت في عام 2012 إذ صدر المرسوم التشريعي رقم 66 من قبل سلطة النظام المخلوع، والذي نص على إحداث منطقتين تنظيميتين جديدتين في نطاق محافظة دمشق، بهدف تطوير مناطق المخالفات والسكن العشوائي حسب المادة الأولى من المرسوم.

المنطقة الأولى: وهي تنظيم منطقة جنوب شرق المزة، من المنطقتين، وتتألف من المنطقتين العقاريتين- المزة وكفرسوسة- وتمتد على مساحة 214 هكتاراً، وتقررت تسميتها “ماروتا سيتي” وهي كلمة سريانية تعني السيادة، أما الثانية: تنظيم منطقة جنوبي المتحلق الجنوبي، تمتد من جنوب المتحلق الجنوبي إلى القدم وعسالي وشارع الثلاثين، ومساحتها 890 هكتاراً، وتقررت تسميتها “باسيليا سيتي” وتعني الجنة.

السكان قاطنو المناطق المستهدفة قسموا إلى شرائح مختلفة وفق المرسوم، فمنهم من له حقّ في الحصول على أسهم في المشروع الجديد، وعلى سكنٍ بديل، وبدل إيجار إلى حين استلامه السكن البديل، ومنهم من يحصل على بدل إيجار لأجل محدد، ومنهم من لا يستحق سوى أنقاض بيته بعد هدمه، علماً أن مستحقي السكن البديل مطالبون بسداد أثمان هذه المساكن، ولا يحصلون عليها مجاناً.

ومن دون إقامة أي اعتبار للظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، باشرت محافظة دمشق آنذاك عام 2015 بإخلاء منطقة خلف الرازي، ومن أصل 7500 عائلة أخليت من بيوتها استحقت 5500 عائلة سكناً بديلاً، ولم يستلم أحد منزله، في حين بقيت 2000 عائلة من دون تعويض بسكن بديل أو بدل إيجار، بينما سارت الأعمال ببطء شديد لدفع أصحاب المساكن البديلة إلى بيعها لـشخصيات غامضة تعمل عبر واجهات عقارية وبأثمان بخسة.

تأمين السكن البديل

المادة 45 من المرسوم66 نصت على “التزام محافظة دمشق بتأمين السكن البديل للشاغلين المستحقين له خلال مدة لا تزيد على أربع سنوات من تاريخ صدور المرسوم التشريعي”، عُدّلت لاحقاً بموجب القانون بحيث حُدد موعد تسليم السكن البديل بمدة لا تزيد على أربع سنوات من تاريخ إخلاء المنزل، ورغم ذلك لم يحصل المستحقون على بيوتهم البديلة حتى الساعة، كما حرمت شرائح كبيرة من حق السكن البديل منهم أصحاب المساكن الذين لم يكونوا يشغلونها، أو الذين كانوا خارج البلاد أثناء كشف اللجان على المساكن مجردين من الحقوق، ولا يحصلون حتى على بدل إيجار.

ولعل المشكلة الأساسية للمالكين تتعلق بالقرار 112 للعام 2015، الصادر عن مؤسسة الإسكان آنذاك وتضمن شروط استحقاق السكن البديل، وتنص إحدى مواد القرار على أن الإشغال يجب أن يكون مستمراً من تاريخ صدور المرسوم التشريعي حتى الإخلاء، من دون لحظ الحالة غير المستقرة في البلد، واضطرار كثيرين للخروج بسبب الظروف الأمنية، الأمر الذي حرم عشرات العائلات من عقاراتها التي ذهبت من بين أيديهم لصالح متنفذين صمم المرسوم على مقاساتهم.

واجهة لمصالح كبار المُتنفّذين

في كانون الأول 2016، أطلقت محافظة دمشق شركة “دمشق الشام القابضة”، استناداً إلى المرسوم 19 للعام 2019، وهي شركة مساهمة وتتولى إدارة وبناء واستثمار المنطقة التنظيمية الأولى الواقعة في المزة خلف مستشفى الرازي، وبموجب ذلك تنقل ملكية العقارات التي تعود للمحافظة في المنطقة إلى الشركة.

إشارات استفهام كثيرة أحاطت بالشركة الجديدة، والغايات الحقيقية من استحداثها، واعتبرها الكثيرون واجهة لمصالح كبار المُتنفّذين الذين اشتروا معظم المقاسم في ماروتا سيتي.

وفي شباط 2021 أعلن رسمياً عن صبّ الطبقة البيتونية في أول أبراج السكن البديل في مشروع “باسيليا سيتي” بعد أن باتت تتولى إنجازه المؤسسة العامة للإسكان فضلاً عن شركات عامة أخرى.

مخالفة المرسوم

لقد كان من المفترض إنشاء السكن البديل لكلّ منطقة في المشروع الذي ستضمه المنطقة ذاتها، أي أن السكن البديل للسكان الذين يُخلون من خلف الرازي سينفذ في “ماروتا سيتي” والسكن البديل للسكان الذين يخلون من المزة وكفرسوسة وقنوات بساتين وداريا والقدم سينفذ في “باسيليا سيتي”.

لكن محافظة دمشق قررت بشكل مفاجئ إنشاء السكن البديل للمنطقتين في “باسيليا سيتي” في مخالفة للمرسوم.

ثبات بدلات الإيجار

ولم تتوقف معاناة السكان عند تشريدهم، بل امتدت لتشمل قيمَ بدلات الإيجار المقدّمة لهم، وهي قيم جرى تحديدها وفق تخمينات جامدة محسوبة على أسعار العام 2016، فيما تضاعفت أسعار الإيجارات عشرات المرات منذ ذلك الوقت، وتضاعفت معها البدلات الفعلية للإيجار.

ولا يزال مستحق السكن البديل الذي أخلي من منزل بمساحة 120 متراً مربعاً يحصل حتى اليوم على بدل إيجار قدره 800 أو 900 ألف ليرة سورية سنوياً وقد كان هذا المبلغ يعادل نحو 1500 دولار في العام 2017، بينما باتت قيمته اليوم أقل من 40 دولاراً.

وخلافاً لقيمة بدلات الإيجار التي استمرت في الثبات، حرصت محافظة دمشق على رفع المبالغ التي تجبيها من مستحقي السكن البديل مقابل مساكنهم الموعودة، وبما يوازي ارتفاعات الأسعار في الأسواق، بحيث يجب أن يدفع مستحق السكن البديل 10 بالمائة من القيمة التقديرية لفئة مسكنه عند الاستحقاق، و30 بالمائة التخصيص، ويستكمل الباقي بموجب أقساط شهرية، مع احتمال أن يجد نفسه مطالباً بسداد دفعات أخرى حسب مصادر المحافظة.

ولكن المؤسسة العامة للإسكان عدلت المدّة الممنوحة لاستكمال مدفوعات التخصيص، فألزمت المُخَصص باستكمال مدفوعاته بنسبة 30 بالمائة من القيمة التخمينية للمسكن وفقاً للمساحة الفعلية لمسكنه، على أن يتم التسديد على ثلاث دفعات متساوية خلال ثلاثة أشهرمن تاريخ التخصيص، وفي حال عدم استكمال المكتتب دفعات التخصيص كاملة خلال المدة المذكورة يلغى تخصيصه ويفقد حقه بتسلسل أفضليته، ويدرج اسمه ضمن تسلسل خاص بالمكتتبين المتأخرين عن تسديد التزاماتهم المالية على أن يسدد الأقساط الشهرية المترتبة عليه، وفي حال عدم الالتزام يلغى اكتتابه.

وفي العام 2020، أُلزم مستحقو السكن البديل بدفع 10بالمائة من قيمة السكن البديل، وقدرت مؤسسة الإسكان وقتها سعر المتر المربع بمبلغ 550 ألف ليرة للمتر المربع مع أقساط شهرية تتراوح بين13، و33 ألف ليرة، وفي نهاية العام 2022 تقرّر تخصيص 550 إشغالاً فقط بسعر 3 ملايين و550 ألف ليرة للمتر المربع بزيادة 3 ملايين عن السعر المحدد سابقاً لكلّ متر، كما تقرر أن ما تمّ سداده لا يعتبر أن المبلغ المستحق كما كان مقرراً، بل هو مجرد 1بالمائة من المبلغ المستحق، طبعاً هذا ظلم ومخالف للقوانين، إذ يجب اعتبار أن نسبة 10 بالمائة مسددة.

فرصة سانحة للربح

وفي مطلع العام 2023، تبلّغ المستحقون ضرورة المراجعة للبدء بالتخصيص واختيار الطابق، وعلى أساس المساحة يدفع مبلغ التخصيص، مع مهلة شهرين أو ثلاثة أشهر للدفع.

وكان قسم من المستحقين قد باعوا حصصهم وأسهمهم نتيجة عدم قدرتهم على دفع الالتزامات المالية المترتبة، وعدم تحديد موعد زمني لتسليم السكن، فضلاً عن تحملهم أعباء مادية بسبب اضطرارهم إلى السكن في شقق مستأجرة لا تكفي بدلات المحافظة لتغطية إيجاراتها.

وضمن هذا الإطار، تشكّل عقارات السكن البديل فرصة سانحة للربح لأسباب عديدة، على رأسها أن الأسعار النهائية لهذه المساكن ستكون أقل من سواها، لأن محافظة دمشق ملزمة بطرحها بسعرالتكلفة أو أعلى منه بقليل، فضلاً عن أن مستحقي بيوت السكن البديل ينتمون جميعاً إلى فئات لا طاقة لها على تحمل الأسعار التي تستمر في الارتفاع تبعاً لتهاوي قيمة الليرة حينذاك، ولربط المحافظة المبالغ المطلوبة بالقيم السوقية الفعلية لأسعار مستلزمات البناء، كما أن الضغوط المستمرة على هذه الشريحة، وعدم الثقة بتسلّم المساكن في المواعيد المزعومة، وانعدام الشفافية، وتنامي الترهل الإداري والفساد، كلها عوامل دفعت الكثيرين من مستحقي السكن البديل إلى بيع حقوقهم، على أمل شراء مساكن في ضواحي دمشق القريبة.

هذه التغيرات شكلت فرصة لفئات أخرى من المستثمرين منها طبقة أثرياء الحرب، وبعض رجال الأعمال المتنفّذين، للدخول على الخط بقوة والاستثمار في هذين المشروعين اللذين سيعودان بأرباح فاحشة، ولو على المدى البعيد.

آخر الأخبار
طفل يقود سيارة فاخرة في وسط دمشق بلا رقيب..! الضربات الإسرائيلية تستهدف قلب المنظومة العسكرية والنووية الإيرانية ..وهذه أبرزها 1755 طالباً يتنافسون في تصفيات أولمبياد الرياضيات للصغار واليافعين غداً عقود النفط الآجلة ترتفع 11 بالمئة على وقع الضربة الإسرائيلية لإيران تفاعل دولي واسع بعد الغارات الإسرائيلية على إيران.. إدانات وتحذيرات ودعوات للتهدئة تل أبيب تضرب في العمق الإيراني.. "الأسد الصاعد" تفتح أبواب المواجهة الكبرى في الشرق الأوسط خامنئي ينعي قادة وعلماء بعد الغارات الإسرائيلية على إيران: المواجهة مستمرة والرد قادم إسرائيل تشن عملية جوية واسعة داخل إيران: مقتل قادة كبار وتدمير منشآت نووية إسرائيل تضرب إيران بقوة.. اغتيال قادة في الحرس الثوري وعلماء نوويين مشروع أمريكي لإلغاء "قانون قيصر" ورفع شامل للعقوبات عن سوريا عزل 67 قاضياً من محكمة الإرهاب الملغاة.. خطوة لتعزيز العدالة واسترداد الحقوق سوريا: التوغل الإسرائيلي في بيت جن انتهاك واضح للقانون الدولي محافظ درعا يحاور الإعلاميين حول الواقع الخدمي والاحتياجات الضرورية جامعة إدلب تحتفل بتخريج "دفعة التحرير" من كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال وزارة الداخلية تُعلق على اقتحام الاحتلال لبيت جن: انتهاك للسيادة وتصعيد يهدد أمن المنطقة شريان طرطوس الحيوي.. بوابة سوريا الاستراتيجية عثمان لـ"الثورة": المزارع يقبض ثمن القمح وفق فاتورة تسعر بالدولار وتدفع بالليرة دور خدمي وعلاجي للعلوم الصحية يربط الجامعة بالمجتمع "التعليم العالي": جلسات تعويضية للطلاب للامتحانات العملية مكأفاة القمح.. ضمان للذهب الأصفر   مزارعون لـ"الثورة": تحفيز وتشجيع   وجاءت في الوقت المناسب