الثورة – عبد الحميد غانم:
وقع مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات وتقانة المعلومات مذكرة تفاهم لإنشاء مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية، ووضع الأطر التنظيمية والقانونية والتقنية اللازمة للترخيص، وتنظيم عمل المؤسسات المالية الرقمية، ودعم الابتكار والاستثمار.
وتتضمن المذكرة ضرورة التنسيق المؤسسي في تطوير البنية التحتية للقطاع المالي الرقمي، ووضع معاييرللأمن السيبراني وحماية البيانات، وإنشاء بيئة تجريبية آمنة لاختبار الحلول المبتكرة مع تعزيز الوعي الرقمي لدى المواطنين والمؤسسات.
وحول الأمن السيبراني ودوره المحوري في التحول الرقمي للقطاع المالي السوري، أكد الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي :إن التحول الرقمي في القطاع المالي يمثّل خطوة استراتيجية تعبّر عن رؤية متكاملة للتنمية الاقتصادية الحديثة، وفي عالم تتسارع فيه وتيرة الابتكار، لا يمكن لسوريا أن تبقى بمعزل عن التطور العالمي في تقنيات الخدمات المالية.
وأشار إلى أن هذا التوجه لا يعني فقط مواكبة العصر، بل بناء اقتصاد أكثر ذكاءً وكفاءة قادر على تحسين جودة الخدمات، تحفيز الابتكار، وتعزيز الشمول المالي.
سرعة دوران النقد
وتحدث الخبير قوشجي الفوائد الاقتصادية المتوقعة مما سلف ذكره لـ”الثورة”: أن تحفيز الاقتصاد الرقمي يساعد على دعم الخدمات المالية الإلكترونية ويسهم في تجاوز مشكلة السيولة، ويعزز الدفع الإلكتروني، مما يزيد من سرعة دوران النقد داخل الاقتصاد السوري.
منوهاً بأنه يعزز بيئة الابتكار وريادة الأعمال البيئة التجريبية (Sandbox) وهي تتيح للمبتكرين ورواد الأعمال اختيار حلول مالية في بيئة آمنة، منخفضة التكاليف والمخاطر إلى جانب تحسين التحصيل الضريبي، أي رقمنة المعاملات تتيح تتبع النشاطات الاقتصادية بشكل دقيق، ما يسهم في الحدّ من التهرب الضريبي وزيادة الإيرادات العامة.
وأشار الخبير قوشجي إلى الفوائد الخدمية، مركزاً على أن الاقتصاد الرقمي يساعد على الارتقاء بجودة الخدمات، والتطبيقات الرقمية تجعل من العمليات المالية أكثر سهولة وأقل تكلفة وجهد، دون الحاجة للوقوف في طوابير المصارف أو أجهزة الصراف، لافتاً إلى أن أتمتة المعاملات الحكومية تساعد على الربط بين الأنظمة المالية الحكومية والخدمات الرقمية يسهم في تسريع الإجراءات وتحسين كفاءة الإدارة العامة.ورأى أن توسع الاعتماد على الحلول الرقمية، يجعل من حماية البنى التحتية الرقمية ضرورة لا رفاهية.
وقال: إن المذكرة الموقّعة بين المصرف المركزي ووزارة الاتصالات تعي هذا التحدي، وتضع الأمن السيبراني في صدارة أولوياتها، لاسيما على صعيد حماية البيانات وتعزيز الثقة، لافتاً أن وضع معايير وطنية صارمة لأمن المعلومات يشكّل حجر الأساس في بناء بيئة رقمية موثوقة، ويدفع المستخدمين نحو الثقة بالتعاملات الإلكترونية.
وأوضح الخبير قوشجي أن الاستعداد للهجمات الإلكترونية يتطلب التعاون بين المؤسسات بما يُمكّن من رصد ومجابهة التهديدات السيبرانية المتزايدة، مما يحصّن الاقتصاد الوطني من الاختراقات والتلاعب.
وشدّد على ضرورة استباق التحديات المستقبلية والاستثمار في الأمن الرقمي اليوم لأنه تأمين للمستقبل، وضمان لاستدامة الخدمات وحماية المعلومات الحساسة للدولة والمواطنين على حدٍّ سواء.
منظومة مالية رقمية آمنة وفعّالة
وأكد الخبير قوشجي أن نجاح الانتقال إلى الخدمات المالية الرقمية لا يتوقف على التقنيات بقدر ما يعتمد على بناء الثقة، وهذه لا تتحقق من دون أمن معلوماتي متين، مبيناً أن المذكرة ليست فقط تعاوناً إدارياً، بل إعلان نية لبناء اقتصاد رقمي سيادي، قائم على الابتكار والحماية المؤسسية، ومنفتح على الشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع الأكاديمي.