الثورة:
أشاد نشطاء وفعاليات أهلية بالجهود الكبيرة التي يبذلها وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح، وفرق الدفاع المدني السوري، في إخماد حرائق ريف اللاذقية التي اشتعلت منذ أكثر من أسبوع، في واحدة من أصعب الاستجابات البيئية خلال العام الجاري.
في كل موقع
وبين عناصر الدفاع والإطفاء يتجول الوزير “الصالح” وعلى دراجة نارية، يتنقل بين موقع وآخر، يتابع مع وسائل الإعلام وبتصريحات مستمرة وعمل دؤوب للاستجابة للحرائق بريف اللاذقية، رغم أن العمل ليس بجديد على “الصالح” وهو من قاد مئات حالات الاستجابة في سوريا، إلا أن تفاعل المتابعين كان مميزاً، في أن يجد السوريين وزيراً على خط النار الأول، ويعمل بكل طاقاته.
رائد الصالح، الذي تولى منصبه الوزاري أواخر آذار/مارس 2025، هو أحد أبرز وجوه العمل الإغاثي في سوريا، إذ أسهم في تأسيس منظمة “الخوذ البيضاء” (الدفاع المدني السوري) عام 2013، وقادها طيلة 12 عاماً، قبل أن تنتقل المنظمة للاندماج الكامل ضمن الحكومة الجديدة بعد سقوط النظام البائد.
ولد الصالح عام 1984 في مدينة جسر الشغور بريف إدلب، وبدأ حياته المهنية في تجارة الأدوات الكهربائية، قبل أن ينخرط في الحراك السلمي في مدينته مع انطلاق الثورة السورية عام 2011.
غادر إلى تركيا عقب اجتياح قوات الأسد للمدينة منتصف العام ذاته، وهناك بدأ مسيرته في العمل الإنساني، حيث تولى إدارة شؤون مخيمات اللاجئين، وأسهم في إدخال الجرحى إلى المستشفيات التركية.
مع توسع مناطق سيطرة المعارضة أواخر 2012، ظهرت الحاجة إلى تشكيل فرق بحث وإنقاذ في المناطق المستهدفة بالقصف، فكان الصالح في طليعة من بادروا بإطلاق مبادرات محلية أنقذت آلاف الأرواح باستخدام أدوات بدائية، قبل أن تبدأ مرحلة التدريب المهني والتأسيس الرسمي لمنظمة الدفاع المدني السوري.
قاد الصالح أولى ورشات التدريب في اسطنبول منتصف عام 2013، وأشرف على إطلاق المؤتمر التأسيسي للمنظمة أواخر 2014، حيث تم التوافق على توحيد جميع فرق الإنقاذ تحت مظلة واحدة.
انتُخب الصالح مديراً عاماً للمؤسسة، وقاد نحو 3 آلاف متطوع، أنقذوا على مدار السنوات التالية أكثر من 128 ألف مدني، بينما فقدت المنظمة أكثر من 300 عنصر خلال عمليات الإنقاذ تحت القصف الروسي والسوري.
واجهت المنظمة حملات تشويه واتهامات بالتبعية، لكن الصالح شدد مراراً على استقلالية عملها، وشفافية تمويلها الذي كان يتم عبر مؤسسات مانحة دولية أو من حكومات داعمة، وشارك الصالح في تمثيل الدفاع المدني السوري في محافل دولية كاجتماعات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، كما نال وزملاؤه جوائز رفيعة بينها “جائزة نوبل البديلة” وجائزة “غيم تشينجر”، ورُشّحت المنظمة لنيل نوبل للسلام ثلاث مرات.
وفي 29 آذار/مارس 2025، عيّنه الرئيس أحمد الشرع وزيراً لإدارة الطوارئ والكوارث ضمن التشكيلة الوزارية الأولى بعد سقوط النظام، وهي وزارة استُحدثت لمواجهة آثار الحرب الممتدة، وتعزيز الاستجابة الوطنية للزلازل والحرائق والألغام.
بعد توليه المنصب، كشف الصالح عن خطة وطنية شاملة لإزالة الألغام وتوسيع قدرات الاستجابة الطارئة، وأطلق مركزاً وطنياً مختصاً، بالتعاون مع وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والدفاع المدني.
في مطلع تموز/يوليو 2025، اندلعت حرائق هائلة في اللاذقية التهمت أكثر من 10 آلاف هكتار من الغابات، وأصيب خلالها عناصر من الدفاع المدني.
وشارك الصالح ميدانياً في جهود الإطفاء، ونُشرت صور توثق عمله مع الفرق في مواجهة النيران، ما أثار تفاعلاً واسعاً بين السوريين الذين رأوا فيه مثالًا للمسؤول الميداني المتفاني.
ويُنظر إلى الصالح اليوم كأحد أبرز وجوه المرحلة السورية الجديدة، حيث يجمع بين الخبرة الميدانية، والحضور الدولي، والرؤية المؤسسية التي تقوم على المهنية والشراكة المجتمعية.