الثورة – جهاد اصطيف:
نفذت دائرة الإرشاد والتعليم الزراعي والتنمية الريفية في مديرية الزراعة بحلب، بالتعاون مع الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية- مركز بحوث حلب، وفي إطار الجهود المستمرة لتعزيز الوعي الزراعي ومواكبة التحديات البيئية والمناخية التي تواجه القطاع الزراعي، ندوة إرشادية متخصصة في قرية حميمية بمنطقة دير حافر بريف حلب الشرقي، وذلك بمشاركة عدد من المزارعين والمهتمين بالشأن الزراعي في المنطقة.
وقد ركزت الندوة على محورين رئيسيين: أضرار حرق بقايا المحاصيل الزراعية والأمراض التي تصيب الخضار الصيفية وطرق مكافحتها، وذلك بهدف رفع سوية المعرفة الزراعية لدى المزارعين، وتقديم حلول عملية ومستدامة للتحديات التي يواجهونها في موسم الزراعة الصيفي.
وفي مستهل الندوة، وفق بيان المديرية، قدم رئيس الدائرة المهندس باسل قريد، عرضاً مفصلاً حول مخاطر حرق بقايا المحاصيل الزراعية، موضحاً أن هذه الظاهرة لا تزال منتشرة في بعض المناطق الزراعية، رغم التحذيرات المتكررة من آثارها السلبية على التربة، وجودة الهواء، والبيئة المحيطة.
وأوضح م. قريد أن الدائرة نظمت هذه الندوة في إطار نشاطها الدوري الموجه للمزارعين، بهدف نشر التوعية حول ضرورة تجنب حرق المخلفات الزراعية بعد الحصاد، وتشجيع المزارعين على استخدام هذه البقايا في التسميد الطبيعي أو إدخالها ضمن برامج التدوير الزراعي لتحسين خصوبة التربة، بدلاً من الإضرار بها.
كما نبّه إلى خطورة حرائق الغابات، خاصة تلك التي تندلع سنوياً في مناطق الساحل السوري خلال أشهر الصيف، كما هو الحال الآن، مشيراً إلى أن انتشار هذه الحرائق لا يقتصر ضرره على المنطقة المتضررة فقط، بل يمتد تأثيرها إلى المناطق المجاورة بفعل التغيرات البيئية والمناخية، مشدداً على أهمية اتباع قواعد السلامة الزراعية، وتفادي إشعال النار قرب الحقول أو الأحراج.
الشقّ الثاني من الندوة خصص للحديث عن أمراض الخضار الصيفية التي تشكل هاجساً كبيراً لدى المزارعين في المنطقة، ولاسيما مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة نسبة الرطوبة، وهي ظروف ملائمة لانتشار العديد من الآفات الفطرية والحشرية والبكتيرية.
واستعرض المختصون أهم الآفات الزراعية التي تصيب الخضار الصيفية مثل البندورة، الخيار، الكوسا، والباذنجان، والتي تعد من الزراعات الأساسية في دير حافر وريفها، وقد شملت النقاشات الحديث عن أمراض مثل: البياض الزغبي، العفن الرمادي، ذبابة بيضاء، العناكب الحمراء وغيرها، إلى جانب طرق الرصد المبكر لهذه الأمراض ووسائل المكافحة الملائمة لكل حالة.
وأكد الحضور على أهمية اعتماد مبادئ المكافحة الحيوية والعضوية كخيارٍ مستدامٍ وبديل عن المبيدات الكيميائية المكثفة، موضحين أن استخدام الأعداء الحيوية والأسمدة العضوية يمكن أن يحققا نتائج فعالة دون الإضرار بالبيئة أو صحة المستهلك.
كما تمّ تسليط الضوء على أهمية الدورات الزراعية واختيار الأصناف المقاومة للأمراض، بالإضافة إلى ضبط مواعيد الري والتسميد، كجزء من إدارة متكاملة للوقاية من الآفات.
وتميزت الندوة بتفاعل مباشر بين القائمين على الإرشاد الزراعي والمزارعين الحاضرين، وتم فتح باب النقاش والاستفسارات، وطرح المزارعون جملة من الأسئلة المتعلقة بواقع محاصيلهم الحالية والتحديات التي تواجههم في الحقول، خاصة ما يتعلق بتراجع الإنتاج في بعض الأصناف أو انتشار آفات معينة هذا الموسم، معتبرين أن مثل هذه الفعاليات تساهم بشكل كبير في تعزيز قدراتهم على إدارة حقولهم بطرق حديثة وفعالة.
وتعكس هذه الندوة أهمية الدور الذي تقوم به مؤسسات الزراعة والبحوث العلمية في ربط المعرفة النظرية بالممارسات الزراعية اليومية، عبر تقريب المفاهيم العلمية للمزارعين بأسلوب مبسط وعملي، كما تسهم في ترسيخ ثقافة الزراعة البيئية والابتعاد عن الممارسات التقليدية الضارة.