انطفأت نيران الغضب والحقد والجهل والإهمال في غابات الساحل بعد أكثرمن عشرة أيام، التهمت النيران خلالها ما يقارب ١٦ ألف هكتار من الحراج.
بانتهاء عمليات الإطفاء والتبريد يجب أن تبدأ مباشرة مرحلة جديدة لإعادة ترميم وتحريج المساحات المحروقة وفق خطّة شاملة لآلية إعادة الغطاء الحراجي، الخطّة تبدأ بتقسيم المناطق المحروقة إلى عدد من المواقع، وليس ككتلة واحدة، بحيث تترك مساحات أمان بين الموقع والآخر، وتكون المساحات كافية لمنع انتقال النيران من موقع لآخر، ومن ثم تجهيز هذه المساحات بخدمات تؤمن المياه للإطفاء (مسطحات مائية)، وتكون المساحات صالحة للاستثمار كمطلات جبلية أو مراكز للنقاهة الصحية أو وحدات لجمع، وتوضيب للنباتات الطبية التي يمكن جمعها من المواقع الحراجية، يعني استثمارات من طبيعة الغابات والحراج.
بعد تهيئة المكان، وفتح خطوط النار، وتأمين مناهل للإطفاء، يجب تحديد الأنواع الحراجية المناسبة للمنطقة والمقاومة للحرائق، ولحظ خطوط نار من أنواع شجرية مناسبة، كالخروب، والصبار المقاوم لسرعة انتشار النار، مع الأخذ بعين الاعتبار الخطأ التاريخي الذي ارتكب بحق الغابات، والمتجسد بتجريف أشجارها المتنوعة من السنديان والبلوط، والزعرور، والبطم، والغار وزراعتها بالصنوبر البروتي السريع الاشتعال وغير القادر على الترميم على عكس الأشجار الأخرى، كما يجب الاعتبار لاختيار بعض الأشجار البرية المثمرة مثل الزيتون والتوت والغارعلى أطراف الغابات.
الأمرالأكثرأهمية لاستكمال ما سبق يجب يكون بمشاركة المجتمعات المحلية المحيطة أو المتداخلة مع الحراج بحيث تستفيد من هذه الغابات، وتشكّل لها مصدر دخل ما يجعل هذا المجتمع حامياً للغابات وليس معتدياً عليها، لأنها أصبحت مصدر دخله، وهذا البند يجب أن يدرس بعناية فيما يخص الاستثمار داخل الغابات (في المساحات المتروكة للأمان وخطوط النار).
خطة الترميم تكتمل
ويجب الأخذ بعين الاعتبار وضع القاطنين في تلك المناطق وتعرض بيوتهم وممتلكاتهم وبساتينهم للحرق، فهولاء فقدوا كلّ ما يملكون، ويجب أن يكونوا ضمن الخطّة، وفي المقدّمة ليستطيعوا استكمال حياتهم من خلال تقديم الدعم المباشرلهم.
الإمكانات المطلوبة لترميم الغابات المحروقة كبيرة جداً، ولكن أقلّ بكثير مما نحتاجه لحماية ما تبقى لدينا من مساحات خضراء، المهمة جماعية، وكما اشترك الجميع في إخماد النيران يجب أن يتشارك الجميع في إعادة الترميم والحماية.