الثورة – إيمان زرزور
يُعدّ الإعلام أحد أبرز الأدوات القادرة على التأثير المباشر في حياة الأفراد وتشكيل وعي المجتمعات، حيث لا يقتصر دوره على نقل المعلومات فحسب، بل يمتد إلى تشكيل الآراء والقيم والسلوكيات، وفي سوريا، كان للإعلام دور محوري في مراحل مختلفة من تاريخ البلاد، وخاصة خلال الأزمات السياسية والاجتماعية، ما جعله سلاحاً ذا حدّين، يمكن أن يُستخدم للتنوير أو التلاعب، بحسب الجهة التي تُديره.
الإعلام ودوره في تشكيل المفاهيم المجتمعية
ساهم الإعلام التقليدي في سوريا، من خلال برامجه الحوارية وتغطيته للقضايا الثقافية والتعليمية والصحية، في تعزيز مفاهيم اجتماعية مهمة كحقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، وأهمية التعليم، وقضايا البيئة، وقد استُخدم الإعلام أحيانًا كوسيلة لتعزيز الوحدة الوطنية، وأحيانًا أخرى كأداة لصياغة الرأي العام وفق اعتبارات سياسية ضيقة.
الإعلام الرقمي ووسائل التواصل:بين الحرية والتضليل
مع توسّع استخدام الإنترنت، تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام إلى منصات رئيسية لنقل الأخبار والتعبير عن الرأي، ما مكّن المواطنين من المشاركة الفاعلة في النقاش العام وصناعة المحتوى.
لكن في المقابل، أسهم هذا الانفتاح أيضاً في انتشار الشائعات والمعلومات المضللة، ما أضعف الثقة العامة بالمصادر الإعلامية، وطرح تحديات كبيرة أمام المؤسسات الإعلامية الرسمية والمستقلة.
الإعلام وإعادة بناء الوعي
بعد الأزمات أثبت الإعلام السوري دوره الحيوي في المراحل اللاحقة للأزمات، من خلال تعزيز قيم التعايش والتسامح بين مختلف مكونات المجتمع، وتكريس مفاهيم إعادة الإعمار والتنمية المستدامة، والدفع نحو الانخراط في العمل المدني والمجتمعي. فقد ساعد في نشر الوعي بأهمية المشاركة المجتمعية، وبثّ روح المسؤولية الجماعية في مواجهة تحديات ما بعد الحرب.
الحاجة إلى إعلام حر ومسؤول
أمام التحديات السياسية والاجتماعية التي واجهت سوريا، بات من الضروري الدفع باتجاه تطوير إعلام حر، موضوعي، ومسؤول، يعمل على كشف الحقائق، وتعزيز التعددية الفكرية، وبناء جسور الحوار بين أفراد المجتمع.
فالإعلام، حين يُدار بمهنية وشفافية، يمكن أن يصبح ركيزة في بناء دولة القانون، وترسيخ ثقافة المواطنة، وتحقيق المصالحة المجتمعية.
فالإعلام في سوريا ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هو أداة محورية في صياغة المواقف والاتجاهات، وفي تحديد أولويات الرأي العام، وبينما يتطلّع السوريون إلى بناء مجتمع أكثر وعياً وتماسكاً، يبقى الرهان على إعلام حر ومهني، قادر على تجاوز الانقسامات، والقيام بدوره كحارس للحقيقة ومنبر لكل السوريين.