الثورة – لينا شلهوب:
في كل عام، ومع اقتراب موعد امتحان مادة الرياضيات لطلاب الشهادة الثانوية- الفرع العلمي، تبدأ مؤشرات التوتر بالارتفاع، وتعلو الوجوه علامات القلق، التي بدت واضحة، وكأن هذه المادة أصبحت شبح الامتحانات الذي يلاحق طلاب العلمي حتى اللحظة الأخيرة، إذ إن هذه المادة تُعد حجر الزاوية في مستقبل طلاب العلمي، لا تمرّ كغيرها من المواد، فهي تضع الطالب أمام معادلة تتداخل فيها الأحلام مع الأرقام، والتعب مع التوقعات.
كأني أدخل “معركة”
الطالبة رهف منصور تحدثت لنا قبل الدخول إلى القاعة قائلة: الرياضيات مادة أساسية، لكنها صعبة، وكل علامة فيها تحدث فرقاً كبيراً، وعندما أفكر ببدء الامتحان، أشعر كأنني أدخل إلى معركة، وليس امتحاناً، بينما أضاف الطالب خالد مرشد: درست جيداً، لكن القلق والتوتر لا يفارقني، لأن سؤالاً واحداً يكسر لنا المعدل العام، فالرياضيات مادة مفصلية، وكل درجة فيها تحسم رغبة جامعية.
يواجهون القلق بالصبرداخل المراكز الامتحانية
ساد هدوء نسبي، وحاول المراقبون والمشرفون خلق بيئة داعمة، تقلل من الضغط النفسي الذي يعيشه الطلاب، أحد المراقبين قال: نلاحظ توتراً مضاعفاً لدى الطلاب، لذلك نتعامل معهم بهدوء واحتواء.
في المقابل، رصدنا أجواء من التفهّم والهدوء داخل المراكز، إذ سعى المراقبون إلى التخفيف عن الطلاب، وقالت المراقبة ابتسام عواد: نحاول قدر الإمكان تهدئة الطلاب، خصوصاً في مادة مثل الرياضيات، لأن الحالة النفسية لها تأثير كبير على الأداء.
أما بعد
مع خروج الطلاب، تباينت الآراء كالمعتاد، بعضهم بدا مرتاحاً، وآخرون عبّروا عن خيبة أو تخوّف، فكان المشهد يختلف تماماً، حيث تنفس بعض الطلاب الصعداء، فيما ظهرت على البعض علامات الإحباط.
الطالبة ليان نوفل عبّرت عن ارتياحها بالقول: الحمد لله، الأسئلة كانت منطقية، رغم أن عددها بلغ 30 سؤالاً متنوعاً، ومؤتمتاً، وتعب السنة إن شاء الله لن يذهب سدى.
أما زميلها سامي فقال: هناك أسئلة كانت صعبة، احتاجت تمعّن وقراءة عميقة، لكن حاولت الإجابة حسب معرفتي وفهمي، لأن أسئلة الرياضيات وردت بعدد ثلاثين سؤالاً، على عكس النموذج الاسترشادي، لافتاً إلى ضرورة إعطاء وقت أطول، فالمادة تحتاج إلى تفكير عميق وفهم.
أحد مديري المراكز الامتحانية، أشار في حديثه إلى أهمية هذه المرحلة، قائلاً: امتحان الرياضيات يشكّل مفترق طرق لكثير من الطلاب، لأنه يحدد رغباتهم الجامعية، لذلك نعتمد على تنظيم عال لتوفير بيئة هادئة وآمنة.
جسر العبورليس سراً
أن مادة الرياضيات تُعد من أكثر المواد تأثيراً على رغبة الطالب الجامعية، وخاصة لأولئك الطامحين بدخول كليات الهندسة أو العلوم التطبيقية، ولهذا، لا يمر يوم الرياضيات مرور الكرام على طلاب العلمي، بل يترك أثراً عميقاً في نفوسهم.
وفي النهاية، تبقى هذه التجربة شاهداً على جهد عام كامل، وعلى إرادة شباب يصنعون مستقبلهم رغم كل الظروف، حاملين معهم أملاً أن تكون الإجابات التي خطّوها اليوم، هي بوابة الغد الذي يستحقونه، فالمادة هي أكثر من مجرد ورقة امتحان، هي جسر نحو المستقبل الجامعي الذي يحلم به آلاف الطلاب، وبين التعب والخوف والأمل، يُكتب فصل جديد في قصة كل طالب، يعبر فيها من قاعة الامتحان إلى أبواب الغد بثقة أو انتظار.