الثورة – وداد محفوض :
لا ترى ليال حمد بعينيها إلا القليل منذ ولادتها، لكن لم يدفعها ظلام البصر إلى الاستسلام، ولم يمنعها من إكمال مشوارها الدراسي، بل أرادت لنور العلم أن يضيء لها طريق النجاح، ودفعتها الإرادة والتحدي لإكمال دراستها، لتتفوق في جميع مراحلها الدراسية، فحصدت المرتبة الأولى في الشهادة الثانوية الفرع الأدبي على مستوى محافظة طرطوس، وتابعت تفوقها الجامعي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية- قسم اللغة العربيّة لتنال المرتبة الأولى في كليتها، وليتم تعيينها كأول معيدة “كفيفة” في جامعة طرطوس.
وفي لقاء لصحيفة الثورة، أكدت ليال أنها ستستمر في صنع حلمها لنيل الماجستير والدكتوراه، وأنها خطت أول خطوة، فهي الآن في السنة الثانية من ماجستير قسم اللغة العربية في جامعة طرطوس.تُبينُ ليال أنها وُلدت في قرية ميعار شاكر لأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، يعمل والدها مهندساً مدنياً ووالدتها مدرّسة، وأخواها، الكبير طبيب أسنان، والثاني مهندس معماري.عائلتها تحب العلم، فهو الهاجس الأهم بالنسبة لها، ورغم اكتشاف إعاقتها البصرية، إلا أنها لم تشكل عائقاً لديها ولدى عائلتها لتكمل دراستها، فكان الجميع بجانبها، ليكون التفوق رفيق دربها من اللحظة الأولى التي دخلت فيها إلى المدرسة وحتى الآن، فقد حصلت على المرتبة الأولى في الشهادة الثانوية، ثم حصلت على المرتبة الأولى في كل سنة من سنوات الدراسة في الجامعة لمدة أربع سنوات، لتصبح الخريجة الأولى على دفعتها في الجامعة. وأكدت أن السبب في تفوقها، يعود لمحبتها للغة العربية، ودخولها الفرع عن قناعة وشغف، ومن خلال حديثها أرادت أن توجه نصيحة لكل أم وأب بأن يتركوا أولادهم يختارون ما يحبون في الحياة ليبدعوا في المجال الذي اختاروه.ولفتت ليال إلى أن والدتها هي المرافق الدائم والحارس الأمين لها في جميع مراحل دراستها، فهي التي زرعت في قلبها الأمل الدائم، والقدرة على الوصول إلى الهدف الذي تريده.ورغم كل التحديات والصعوبات التي واجهتها، تظل أمها صاحبة الفضل الأكبر في وصولها لهذه المكانة الآن، وتُعبر ليال بفرح أن أمها كانت عينيها اللتين ترى بهما، فكانت تقرأ لها مراراً، لتسمع و تحفظ المواد المدرسية، ومن بعدها اكتمل المشوار في الجامعة، في حضورها معها للمحاضرات، و مساعدتها المستمرة في كل تفصيل في حياتها.
ليال لا تستطيع أن تتحدث عن الداعمين من دون ذكر والدها، وتؤكد أن مساعدته لها كانت في المواد العلمية خلال المرحلة المدرسية الأولى وصولاً للصف التاسع، قبل دخولها الفرع الأدبي في المرحلة الثانوية.وأضافت: إن أخويها ساعداها أيضاً بما يستطيعان، ولم تنسَ من مر في كل مراحل حياتها من أصدقاء أوفياء، قدموا لها الكثير، موضحةً أنهم كانوا وإياها يتبادلون المعلومات والخبرات، ويتشاركون مقاعد الدراسة، شارحةً مساعدتهم لها بالتنقل، ومرافقتها في كل أوقات الدراسة لتصل إلى منزلها، وكل هذه الخدمات يقدمونها لها بحنية وحب وليس شفقة.ولفتت إلى دور معلميها وهم “كثر”، الذين مروا في حياتها الدراسية، ساندوها و كانوا لها خير عونٍ. وختمت ليال برسالة وجهتها إلى الأهل الذين لديهم أطفال بأي نوع من الإعاقات، أن يحبوا أطفالهم و يحتووهم، وأن يكونوا على يقين بأن هذه الإعاقة ستكون دافعاً حقيقياً ليكون طفلهم شخصاً فاعلاً وناجحاً في المستقبل.