الثورة – منهل إبراهيم:
بعد أكثر من 21 شهراً من القصف الإسرائيلي الذي يستهدف الإنسان والمكان والبنيان في قطاع غزة، وصلت الأمور إلى جحيم لا يطاق وظلم كبير، فما يزيد عن (180) ألفاً بين شهيد وجريح، عدا عن آلاف المفقودين تحت الركام، وتدمير ما لا يقل عن ثلثي المنازل والأماكن الخدمية والعامة، إضافة إلى تدمير معظم المشافي والعيادات الصحية وشبكات المياه والكهرباء والطرق وسيارات الإسعاف والدفاع المدني.
وفي هذا الصدد ناقشت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، في مقال للكاتب روس دوثات ما يراه “جوانب ظالمة” في الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة.
وقالت نيويورك تايمز: إن الحرب التي تخوضها إسرائيل في هذه الأوقات صارت “حرباً ظالمة”، فالحرب العادلة يجب أن تتضمن “التزاماً بالامتناع عن بعض التكتيكات العسكرية في حال تسببت في أضرار جانبية كبيرة”، في ظل سقوط ضحايا مدنيين نتيجة الضربات العسكرية.
وتلخص نيويورك تايمز أوجه “فشل” إسرائيل في الحرب في ثلاثة جوانب، الأول يتعلّق بمسألة الضحايا المدنيين للحرب.
أما الجانب الثاني، فهو أكثر وضوحاً برأي الصحيفة، ويتمثل في الوفيات الناجمة عن الجوع في قطاع غزة، وترى أن إسرائيل “اتخذت خياراً استراتيجياً” في سعيها إلى فصل توزيع الغذاء عن نظام تزعم أن حركة حماس تستغله لصالحها، ومن وجهة نظر الكاتب في الصحيفة، إذا أدت مثل هذه الاستراتيجيات إلى “موت الأطفال جوعاً”، فإن على إسرائيل أن تتخذ خيارات أخرى.
أما الجانب الثالث في “عدم عدالة” حرب غزة، فيتجلى في أن جزءاً من عدالة الحرب يعتمد على وجود خطة معقولة للسلام بعدها، وهذا بنظر الصحيفة ليس موجوداً حتى بعد مرور ما يقرب من عامين على الحرب في غزة، ورغم ذلك، تبدي نيويورك تايمز انفتاحها على فكرة وجود ضبابية في الحرب، وعلى إمكانية أن تسفر عن “نتيجة إيجابية”، خاصة مع احتمال “تدهور أوضاع حماس ووصولها إلى نقطة اللاعودة”، ونشوء خيارات دبلوماسية أخرى بعد الضربات التي وجهتها إسرائيل لإيران وحزب الله، بحسب المقال.
وتتوقع نيويورك تايمز نهاية مختلفة للصراع، تتمثل في “تراجع إسرائيل في حالة من الإرهاق”، وتطويق قطاع غزة كما كان عليه الحال سابقاً، وقبول حقيقة أن “نوعاً من التهديد سيبقى حاضراً لسنوات مقبلة”.
وتختتم الصحيفة الأميركية بالقول “إن الاستمرار في القتال لعام آخر، إهدار غير عادل للأرواح”.
وبعد ما يزيد عن أكثر من مئة وثلاثين يوماً من الحظر شبه التام على دخول المساعدات الإنسانية، المنقذة لحياة الفلسطينيين، وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من نفاد شبه تام للغذاء والدواء والوقود، وما يتبع ذلك، أو يقترن بذلك، من خطر الموت جوعاً أو نتيجة لنقص الدواء أو الوقود اللازم لأغراض الطهي والخبز وتشغيل المعدات الطبية ومضخات المياه وغيرها.
ولذرِّ الرماد في العيون وتبييض صفحته زعم جيش الاحتلال فتح ممرات إنسانية يسمح فيها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن لغرض إدخال المواد الغذائية والأدوية إلى سكان غزة، فيما يتواصل انتشار المجاعة، وسط تحذيرات من موت مزيد من المدنيين الأبرياء، وخاصة الأطفال جراء سياسة الحصار.
وتسلط وسائل الإعلام الغربية والعربية الضوء يومياً على الحشود من الأجساد الهزيلة للغزيين، خاصة الأطفال منهم، وهم يتزاحمون للحصول على مغرفة غذاء أو كيس طحين يسد الرمق، كما تظهر للعالم مشاهد مرضى وجرحى في المشافي يعانون من الجوع ونقص الدواء والعقاقير الطبية، وسط صمت دولي وأممي مريب.