الثورة – رفاه الدروبي:
حجزت القصيدة والقصة القصيرة لنفسها مكانة في “ملتقى الكتّاب السوري” الذي افتتحه وزير الثقافة الشاعر محمد ياسين الصالح برعاية وزارة الثقافة، بالتعاون مع اتحاد الكتّاب العرب أمس، وفي جلستها الثانية بدأتها القاصة روعة سنبل بقصتين “الراس بالراس”، و “دوُ، يك” بمعنى الخسارة في طاولة الزهر، وأتبعها خالد شبيب بقصتيه “بيت الجيران” و”سويحلي” ويعتبر السويحلي من الشعر البدوي الممتد بين البادية السورية والعراق.
فيما جمعت الأمسية الشعرية أصواتاً متعددة من أجيال مختلفة، بمشاركة الشعراء محمد زياد شودب بقصيدة “الحفيد” حاكى فيها الفيلسوف أبا العلاء المعري، وأخرى بعنوان “صورة العناق” أهداها لكل السوريين على امتداد الجغرافية من دون خلافات بينهم، وأتبعه الشاعر حسن قنطار بعدة قصائد دون عناوين، ثم الشاعر عبد الله العبد قرأ قصيدة “أمير الخشب” و”إلى امرأة خلف جدار”، وقد طُرحت في أغلب القصائد تساؤلات حول الوطن واللجوء والمصير واللغة، بلغة تنوّعت بين الفصحى والمحكية، والرؤية الحداثية والتقليدية.
واختُتمت فعاليات اليوم الأول بمائدة مستديرة حملت عنوان “الكتابة النسوية في الأدب السوري”، شاركت فيها الكاتبان فدوى عبود ونور جندلي، وتطرّقتا إلى تطور الكتابة النسوية في سوريا، وتحديات واجهتهما في سياقات الحرب والنزوح، إضافة إلى تحليل خطاب المرأة في الأدب بين التمثيل والتجربة الذاتية.
الثورة كسرت القيود
بدأت القاصة فدوى عبود حديثها عن حالة المرأة قبل الثورة السورية في كتابها الأخير “قيد الانتهاء” سردت فيه قصصاً حقيقية من مكان ولادتها في قرية تقع في منطقة تلكلخ بحمص على الحدود السورية- اللبنانية، تناولت ما خبرته عن بقعة اعتبرتها منسية من العالم، لحياة المرأة وإطاعتها لأوامر لا لكونها عاجزة بل لأنَّ كل واحدة تشعر بأنَّها بلا حماية ورثت الطاعة من الجدات فالأمهات، ورأت أنَّ النساء مقيدات حتى في مأساتهن وحريتهن ورغباتهن من دون السؤال عن رأيها حتى الهامة وخاصة قضايا الإرث.
وعادت بحديثها إلى الفيلسوفة البريطانية المناصرة لحقوق المرأة من القرن الثامن عشر ماري كرافت أنَّها سيدة حاولت الانتحار، وتمَّ إنقاذها لكنَّها عادت ووقفت على قدميها حيث كتبت روايات وأطروحات وقصص رحالة كما كتبت عن تاريخ الثورة الفرنسية وقواعد السلوك وأدب الأطفال مشيرة إلى تأثر الأدب النسوي بالتقدم الصناعي في أوروبا فأصبحوا ينظرون لها كأنثى لكن استدركت واقعها، وتنبهت إلى ضرورة تمتعها بالوعي والاستقلال الاقتصادي.
ثم انتقلت الكاتبة العبود إلى الكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي وكتابتها عن شهرزاد وكيفية تطويعها لشهريار بحيث تسرد له القصص حتى استطاعت النجاة بنفسها لافتة إلى الكاتب الفلسطيني إدوارد سعيد وحثه على برمجة الضمير العربي.
حمص القديمة
بدورها الكاتبة الدكتورة نور جندلي أستاذة في الشمال السوري تعلم فن الكتابة رأت بأنَّ المرأة أثناء الثورة السورية كانت بوصلتها وقدمت الكثير لذا طرحت في كتاباتها عن معاناة النسوة في حصار حمص القديمة، كونها كانت تقيم فيها وشاهدت واستمتعت إلى قصص حية، اقتبست منهن عدة قصص مسلطة الضوء على إحدى السيدات الثائرات بعد زيادة القصف منتقلة إلى سرد قصصها.
بدأت بمحاولة السيدة الانتقال من بيتها في حارات وأزقة حمص العتيقة، والمشي ثلاث كيلومترات مصطحبة معها ابن الجيران الطفل الصغير، يتوجب عليها إيصاله إلى مأمن وأعطته أوامرها بعدم إصدار أي صوت على الحواجز فكانت تارة تحمله على كتفها وفي أخرى مشياً على الأقدام، لكن نهاية المطاف عند وصولها تفاجأت أنَّ الطفل فقد فردة حذائه وسار معها لمسافة كبيرة من دون أن ينبس ببنت شفه، حتى يطبع أوامرها بعدم البكاء.
موضحة اختلاف الموضوعات بعد الثورة السورية، إذ خرجت الكاتبات كي تخط القصص والروايات من دون قيود.
يتابع الملتقى ندواته الثقافية وأمسياته الشعرية والقصصية، والمناقشات حول قضايا تهمُّ الثقافة والكتابة السورية كي تتيح الفرصة للقاء نخبة من الكتاب والمثقفين التي تستمر فعالياته لثلاثة أيام في رحاب المكتبة الوطنية بدمشق.