الثورة – مريم إبراهيم:
للوهلة الأولى سيجد المرء نفسه مذهولاً بمشهد الترويج لمهرجان تسوق ما أو ما يطلق عليه حالياً بازارات التسوق، إذ الصخب الإعلاني للفت المستهلك للمهرجان، وشده للزيارة والتسوق من مختلف أنواع المعروضات والشركات؛ إنتاجية غذائية واستهلاكية وغيرها من المنتجات التي تتطلبها الحاجة اليومية للمستهلك، ولاسيما الغذائية منها، غير أن واقع الحال والعرض لا يتناسب مع حالة الترويج والإعلان بل يبدو من دون المستوى بكثير.
فرصة أم غاية
ويلحظ أن هذه المهرجانات تقام في فترات متلاحقة متقاربة، تحت تسميات عدة، ويعتبرها البعض فرصة تتيح للمواطن تلبية احتياجاته من السلع بأسعار مناسبة، والهدف هو التخفيض من خلال مشاركة الشركة الأم أو التدخل الإيجابي، وبالتالي المستفيد هو المستهلك، حسب هذه المهرجانات، وتنشط إقامة هذه الأسواق، وتلحظ بكثرة في أماكن ومناطق في المحافظات، وتتباين بين مهرجان وآخر حسب المناطق السكنية، وحسب المعروضات، وضخ المواد ونوعها، وكذلك حسب العروض المقدمة على بعض المنتجات بأشكالها وأنواعها، مع تساؤلات لناحية تقييمها لجهة كونها فرصة للمستهلك أم غاية ربحية للجهة العارضة.
تباين
تتعدد الآراء حول مهرجانات التسوق، فهناك من يجد فيها الفرصة لتلبية الاحتياج والتسويق، وهناك من يجدها مجرد دعاية وغاية للشركات لتصريف منتجاتها، حيث الكم الكبير من هذه المنتجات قد يكون شارف على انتهاء صلاحية الاستهلاك، وبالتالي تطرح العديد من الشركات المنتجات بعروض تخفيض على الأسعار تحت مسمى العروض الخاصة لتصريف المنتج، ومنهم من يجد أن الأسعار فيها غير مناسبة وتخالف التصورات حول كون هذه البازارات أقيمت لخدمة المستهلك، بل هي بعيدة تمام البعد، إذ الأسعار تكون كأسعار السوق، إلا في القليل النادر جداً، ولا يصل في أحيان كثيرة إلى نسبة التخفيض المعلن عنها.
وبالتالي، ومع تباين واقع حال أسواق التسوق هناك تساؤلات هنا وهناك، فهل هي لمصلحة المستهلك فقط وتقديم السلعة بأسعار تكسر أسعار السوق، أم هي مجرد تصريف للمنتج والسلع لشركات تعاني قلة التصريف والتوزيع، وأين هي الرقابة عليها، كما بدت البدائل أكثر في توفر السلع فيها والإقبال عليها، نتيجة طرحها في أماكن وبسطات متفرقة، وبأسعار ترضي كثيرين حتى مع عدم التأكد من مدى موثوقيتها ومطابقتها لشروط السلع النظامية، وقد لا تطابق مواصفات المنتج المطلوبة لناحية الجودة والنوعية أو لناحية الشروط الصحية اللازمة.
عبدو حماد، وملهم محمد، ومواطنون آخرون بينوا لصحيفة الثورة أنهم من مرتادي أسواق ومهرجانات التسوق، ولديهم شغف كبير في متابعتها وترقبها في فترات مختلفة حتى لو كانت بعيدة عن مناطق سكنهم.. إذ يجدون فيها بعضاً من متعة التسوق، وتلبي جزءاً من احتياجاتهم، ولاسيما الغذائية، وما يلفت انتباههم هو العروض الخاصة المقدمة من قبل بعض العارضين.
وتجد ابتسام ميا، وسمر علي، وغيداء حمود، أن هذه الأسواق باتت تقام من دون تنظيم يليق بالهدف منها، ولم تعد هي المنفذ الوحيد لتلبية الاحتياجات، والمواطن يبدو في حيرة، فأين يسمع ضجيج الإعلان عنها يدفعه الفضول لزيارتها، لكن يتفاجأ بعكس ما توقع، فالأسعار تبدو مثل السوق، وهناك معروضات لا تلبي الطلب، ومواد لا ترقى لمستوى الجودة والنوعية، ويخرج المواطن منها باعتماد راسخ أنها أحدثت فقط لتصريف المنتجات، وبالتالي هي لخدمة العارضين وزيادة البيع والربح المادي وليست لخدمة المستهلك كما يروج لها.
تحصيل حاصل
وما يسجل في موضوع إقامة هذه الأسواق هو إقامتها بعشوائية ومن دون تنظيم في الكثير منها، إذ تفتقد الشروط المناسبة لتنظيمها، ولا سيما ما يتعلق بالمكان، فعدد منها أقيم مؤخراً في مناطق مختلفة بمساحات ضيقة لدرجة تداخل عروض بعض الأجنحة، وأجواء حارة للغاية وازدحام كبير سبب العرقلة والفوضى، ولم تكن التهيئة بالقدر المطلوب الذي تتطلبه إقامة هكذا أسواق بقيمتها ومعناها، مع غياب تام لأي جهة رقابية تتابع هذا الواقع وتفاصيله عن كثب، وبدت الأمور في مجملها شبه تحصيل حاصل، في وقت يفرض ضرورة متابعة الجهات المعنية وتكثيف الرقابة بجميع جوانبها، ولاسيما الصحية والجودة ومطابقة المواصفات، لضمان تحقيق الهدف والنتيجة من هذه الأسواق سواء في الشكل أو المضمون.
وجهة نظر
ويرى خبراء ومختصون في هذا الشأن الأهمية الكبيرة للمعنى العام لكل ما يندرج تحت مسميات بازارات أو مهرجانات وأسواق التسوق في ظل المتغيرات المتلاحقة، إذ تعد الملاذ الآمن لكثير من المواطنين مع تراجع القدرة الشرائية.
خبير الإدارة- ومدير عام شركة سورية الدكتور رامز مندو بين في حديثه لـ”الثورة” أنه منذ سنوات ظهرت مبادرات من قبل غرفة الصناعة وبعض الشركات الوطنية في سوريا بالمشاركة في عدة معارض للتسوق وفي مختلف المدن السورية، وهذه المعارض والتي تسمى معرض صنع في سوريا أو منتج بلدنا، تهدف إلى تقديم منفعة وقيمة إضافية للمستهلك من خلال بيع مختلف المنتجات بسعر أقل من السعر السائد في السوق، لتخفيف معاناة المستهلك في ظل انخفاض القوة الشرائية لديه، وعادة يكون هذا السعر مساو لسعر البيع من الشركة إلى تاجر التجزئة، وتكون نسبة التخفيض في السعر تتراوح من 7 – 20 بالمئة حسب الشركة والمنتج.
ويضيف الدكتور مندو: إن الهدف تعميق التواصل المباشر بين الشركة والمستهلك، وتعريفه بالشركة وبخصائص وميزات منتجاتها، ليعرف المستهلك أكثر عن هذه الشركة ومنتجاتها، والقيام بحملات تذوق من قبل الشركات المشاركة، أو توزيع عينات مجانية للمستهلكين، وتتركز مقومات نجاح هذه المعارض في استقطاب عدد كبير من المتسوقين وترتبط بعدة عوامل أهمها عدد الشركات المشاركة في المعرض، ومستوى جودة المنتجات لدى هذه الشركات، المتواجدة في المعارض، والمصداقية في تخفيض الشركات لأسعار منتجاتها خلال فترة المعرض، وأنشطة تسويقية محفزة للشراء مثل المسابقات والعينات المجانية التي تقوم بتقديمها الشركات المشاركة.
وينوه بأن هناك بعض المقترحات الإضافية التي تساهم في تنشيط أكبر لهذه المعارض التسويقية، وجذب متسوقين أكثر عبر توفير خدمات لموظفي الشركات المشاركة، وللمتسوقين، مثل مصف للسيارات، حمامات أكثر نظافة وأكثر عدداً، حتى وإن كانت مقابل أجر رمزي قليل، وتوفير عربات تسوق من أجل أن يضع فيها المتسوق مشترياته، وتوفير عمالة مأجورة بإيجار رمزي، لمساعدة من يريد نقل مشترياته إلى السيارة.