مكابرة الغرب.. وموبقات أدواته!!

ثورة أون لاين_بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: تستطيع السياسة الغربية أن تكابر إلى ماشاءت في تقبل حقيقة المتغيرات الدولية، ويستطيع منظروها وصنّاع القرار فيها أن يماطلوا في الاعتراف بهذه الحقيقة، الوقت الذي يحتاجونه، لكن لا السياسة ولا المنظرين ولا صنّاع القرار بمقدورههم أن يتعاطوا مع الشأن العالمي بعقلية التفرد التي سادت خلال العقدين الماضيين.

ما جرى خلال هذين العقدين ذهب إلى غير عودة، والنظام أحادي القطب لم يعد سوى في الوثائق السياسية وذهنيات الذين يعيشون في الماضي، لأننا اليوم أمام مشهد متغير لم يعد يقبل بتلك الأحادية ولا باملاءاتها، ولا يرضى بذلك التفرد في التعاطي مع المشكلات العالمية.‏

في الشأن الدولي سطرت أدبيات الاستلاب في الأحادية القطبية الكثير من أفكار وأنماط التعايش على هوامشها لقوى وأطراف وأعادت صياغة العالم في هذه الحقبة على أوجاع الشعوب التي ذاقت مرارة حضور تلك الأطماع في شؤونها الداخلية، وفظاعة تطاولها على سيادة الدول.‏

وفي المنطقة التي عانت ويلات هذه الأحادية وواجهت كوارث قراراتها ومشاريعها وخططها على مدى العقدين الماضيين، كانت الأكثر تحسساً لمعالم تلك المتغيرات، لكنها شأنها شأن الدول الغربية تقبع فيها دول وإمارات وملكيات لم تقتنع ولا تريد أن تقتنع أن هذه المتغيرات حقيقية في المشهد الدولي، ولا تزال تعيش في كنف الماضي الذي أحدث لها أدواراً وأوجد لها مهام فضفاضة عليها، إلى درجة أنها غالباً ما تعثرت خطواتها داخلها وخارجها.‏

في الحدث السوري كانت الرهانات الاقليمية والعربية تنطلق من القاعدة نفسها، حين استجمعت خلفها جحافل الغرب ودعمته بأجراء السياسة ومرتزقة المقاهي وحانات الابتذال، ووضعت في خدمته أموال نفطها ورهنت مستقبل مشيخاتها مستعينة بأوهام الخلافة العثمانية وتجدد أطماع العودة إلى المجد العثماني البائد، لتقدم وعودها وتطميناتها ومعلومات استخباراتها وجدول أجنداتها وتواريخ تحقيقها.‏

وكما كان أسيادهم ضحية المكابرة في عدم التسليم بمتغيرات المشهد الدولي، فإنهم لم يتّعظوا من الرسائل الأولى، بل غالوا في ردة فعلهم على رفض الهزيمة.. ولأنهم فقدوا إيمانهم فإننا نراهم اليوم يعودون إلى الجحر ذاته ليلدغوا منه مراراً وتكراراً، مدفوعين بتلك الأوهام وأحياناً بأحكام الضرورة التي أفاضت في تضييق الخيارات أمامهم بعد أن أحرقوا مراكب عودتهم.‏

في ردات فعلهم على الفيتو المزدوج الروسي – الصيني الثالث طبعوا على سحنات وجوههم الشحوب ذاته الذي بدت عليه المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، وهي تكابر في مواجهة الحقيقة، فخرجت منها الألفاظ دون إرادة لتضع إدارتها في موقف محرج سرعان ما بادرت بعض دوائرها إلى الانسحاب منه، حين تحدثت عن العمل من خارج مجلس الأمن.. ونراها في اليوم التالي وقد عادت إلى القاعة ذاتها لترفع يدها بالموافقة على مشروع القرار الجديد بعد أن نزعت مخالبه وتم تجريده من أنياب الهيمنة.‏

من غرائب المماحكات التي يعملون على تسويقها هذه الأيام أن تستعيد أمثلة التاريخ وهي مقلوبة حين تقدم المحاججة المغلوطة وهي مشفوعة بتراتيل لا تصلح في محاكاتها إلا لتلك البدائية السياسية والمراهقة الدبلوماسية والحضيض الإعلامي من الكذب والافتراء..‏

والسؤال إذا كان بمقدورنا تفهم دونية تلك الأدوات ومحدودية خياراتها وبدائية تفكيرها، وأن يكون المرتزقة والأُجراء ورقتهم التي لا تنضب.. فإنه يبدو من الصعب على العقل أن يدرك مبررات ذلك التورط لقوى وأطراف ومؤسسات لها باعها الطويل في السياسة والإعلام وصناعة القرار، إلا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ذلك التاريخ لم يكن سوى ذريعة للتغطية على دورها المشبوه في خدمة السياسة الاستعمارية البغيضة، وبقيت طي الكتمان إلى حين الحاجة لخدماتها بعدما أفلست أدواتها ومرتزقتها في المنطقة فأفصحت عن وجهها البشع ودورها المشبوه.‏

في كل الأحوال مهما تكن المكابرة ثمة حقيقة فرضتها المعطيات على الأرض أن سورية هي الحدث الاستثنائي في التاريخ والجغرافيا والموقع والدور والمسؤولية.. وهي ستظل هذا الاستثناء ليس على مستوى المنطقة ، بل كحجر أساس في المشهد الدولي ، وفي التعامل مع الإرهاب ورعاته ومرتزقته وحماته والدول التي لا تريد أن تسلم بأن ما مضى ذهب بكل ما فيه،وما هو آت لن يحمل حتى أضغاث أحلامهم ولا موبقات أدواتهم، وهنا نقطة الفصل..‏

a-k-67@maktoob.com ‏

 

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يستقبل وفداً كورياً.. دمشق و سيؤل توقعان اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية الدفاع التركية تعلن القضاء على 18 مقاتلاً شمالي العراق وسوريا مخلفات النظام البائد تحصد المزيد من الأرواح متضررون من الألغام لـ"الثورة": تتواجد في مناطق كثيرة وال... تحمي حقوق المستثمرين وتخلق بيئة استثماريّة جاذبة.. دور الحوكمة في تحوّلنا إلى اقتصاد السّوق التّنافس... Arab News: تركيا تقلّص وجودها في شمالي سوريا Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم الشعير المستنبت خلال 9 أيام.. مشروع زراعي واعد يطلقه المهندس البكر في ريف إدلب برونزية لأليسار محمد في ألعاب القوى استجابة لمزارعي طرطوس.. خطّة سقاية صيفيّة إيكونوميست: إسرائيل تسعى لإضعاف وتقسيم سوريا المجاعة تتفاقم في غزة.. والأمم المتحدة ترفض آلية الاحتلال لتقديم المساعدات أردوغان يجدد دعم بلاده لسوريا بهدف إرساء الاستقرار فيها خطوة "الخارجية" بداية لمرحلة تعافي الدبلوماسية السورية