ثورة اون لاين:
يتواصل الكذب دون توقّف.. ويستمر الافتراء حتى دون أن يأخذ مطلقوه نفساً.. ضخ وتصعيد وتسخين واستنفار على كل المستويات بدءاً من التسريبات الكاذبة
وانتهاء باختلاق أحداث وسيناريوهات وصولاً إلى البدء بإشادة ساحات وديكورات تحاكي بعض المواقع والساحات في المدن السورية.
ربما.. لو أن الشيطان الكامن هذه المرة في العناوين، قد استشاروه لتردد قليلاً.. وأحياناً حاول مداورة الزوايا، فالحبكة لا تخطر حتى على باله.. وقد تنتابه نوبة من الغيرة غير المحسوبة لأنهم سبقوه بأفكارهم وسيناريوهاتهم..
هذا ليس للتندّر.. ولا هو نكتة سمجة تُروى أو تُحكى كمقدمة أو استهلال.. إنما يحاكي جزءاً أساسياً وجوهرياً من سيناريوهات ما يعده العقل التآمري ضد سورية، والبدائل المخزنة في الغرف السوداء التي تدير خيوط المؤامرة بالتزامن والتوازي.
المفارقة الفعلية أن هذه الحبكة رغم افتضاح تفاصيلها، وتسريب مكوناتها، نجد هناك من يصرّ على الاستمرار بها مدفوعاً بنماذج وتجارب سابقة بعد أن ثبت بالدليل القاطع أن سورية لا تشبه إلا نفسها.. وكل ما نجح في سواها فشل هنا، وما جُرّب في غيرها لا يصلح لها.. وما كان محسوباً أو مسوقاً حتى لدى كبرى الاستخبارات الغربية لم يكن دقيقاً، وأن هناك حقائق مغايرة تماماً.
لذلك كان الكذب لديهم في الأيام الماضية حالة تستحقّ التوقف.. وأحياناً الدراسة في نفسيات معدّيه ومفبركيه والقائمين على تسويقه.. ليس تشكيكاً بقدراتهم العقلية، وإنما تأكيد لطفولتهم السياسية ومراهقتهم الدبلوماسية.. ومحدودية خبراتهم وتواضع تجاربهم.
سيل الكذب الذي انطلق اعتماداً على الفعل الإرهابي وما تلاه كان شاهد إثبات على تلك الحالة وواقعاً لا يمكن لعاقل أن يخضعه لمحاكمة منطقية، لأنه لا يقبل المنطق ولا المحاكمة ولا حتى العقل.. ومع ذلك نرى هناك من تمسّك بأضغاث الأحلام..
قد يكون السؤال.. مثلاً ما الذي دفع المندوب البريطاني إلى التصرف في مجلس الأمن بهذا الشكل واستدعى رداً من المندوب الروسي الذي لم يتردد في وصف القرار بالسخيف.
في المفاهيم الاجتماعية والسوسيولوجية التي تحكم تصرفات المخططين وإجرامهم.. هناك من يؤكد أن المتآمرين في لحظة الإحساس بالخيبة والفشل وعندما يتملكهم اليأس يتحوّلون إلى النقيض تماماً.. من عقول تخترع الأفكار التي لا تخطر على بال الشيطان إلى مجرد هياكل تقودها غرائزها والرغبة في الانتقام والمكابرة بعدم الاعتراف بالعجز.
ووفق تلك المفاهيم أيضاً هم في هذه اللحظة بالتحديد يقتربون من فقدان الأعصاب، وتسيطر عليهم هستيريا سياسية وسلوكية تخلط الأشياء وتصرّ على رفض الفشل، فيكون الكذب الغبي والممجوج والمكشوف الأداة والوسيلة والطريقة وربما الخيار الوحيد..
في مطابقة هذا على حبكة الشيطان التي أعدتها دوائر الاستخبارات الأميركية والأوروبية والإسرائيلية بمشاركة مرتزقة عرب باعوا أنفسهم لما هو أسوأ من الشيطان نفسه، يستطيع أي متابع أن يلحظ ذلك في الارتجاج السياسي والعملياتي، والذي يكون وقوده الأول ظلامية الإرهاب وتعطشه للدم تحت أي مسمى أو ذريعة.
بين الكذب المتواصل وحبكة الشيطان ثمّة مساحة يمكن التقاطها بوضوح تترجم أو تختصر الكثير مما يجري، حين لم تترك وسيلة ولا طريقة ولا أسلوباً من الخداع والتضليل والفبركة واختلاق الأحداث إلا تراها حاضرة.
شواهد الأمس واليوم كافية للحكم.. يمكن البناء عليها.. لتأكيد ما هو مؤكد.. بأنه لا الكذب ولا حبكة الشيطان.. وحتى الشيطان نفسه جميعهم ليست قادرة على تغيير معادلات رسمها السوريون بتميّزهم بخصائصهم وبفرادة تاريخهم وحضورهم الإنساني.. بالرقم الصعب والاستثنائي الذي يشغلونه والذي لا يشبهه أحد.. ولا يمكن أن يتشبه به أحد..!!
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم