ثورة أون لاين _ بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: لم تكتفِ حكومة أردوغان بما ارتكبته حتى اللحظة.. ولم ترتو بعد من كل ماجنته يداها، وما اقترفته من موبقات في السياسة والدبلوماسية والإعلام، وصولاً إلى التحالف المعلن مع الإرهابيين والمرتزقة..
في كل الحسابات الجارية على ضوء تطورات المنطقة مارست هذه الحكومة وتمارس سياسة التكافل مع الإرهاب بالتضامن مع الغرب الذي أوكل إليها مهمة إعادة تصدير الإرهاب وتصويب اتجاهاته، وتعهدت بالمقابل أن تكون الرأس المتحرك والحاضن لكل ما يجري.
وباللغة ذاتها التي ينطق بها الغرب نسمع ونرى التحركات التركية في السياسة، لكنها في الممارسة تتقدم عليه في تبجحها وأسلوب المخاطبة وطريقة التدخل الفظ في شؤون المنطقة إلى الدرجة التي بات فيها وزير خارجية أردوغان منطلقاً لإشعال المزيد من الحرائق.. حيثما تحرك وأينما توجه.
اللافت أن هذا الاستقطاب الذي تمارسه حكومة أردوغان لايقتصر على مايتركه من تداعيات على دول المنطقة، وانما في المنحى الذي تلتقط من خلاله دول الغرب خيوط التحرك التركي تلك، لتبني عليها مواقفها وحساباتها وأحياناً سياساتها.
ويتضح ذلك في سياق التعاطي مع الإرهابيين والدور الذي تمارسه هذه الحكومة ، حيث نرى أن أوروبا وحتى أميركا في المقاربات التي تقدمها تستقصي رؤيتها من تفاعلات الدور التركي ذاك، وفيما كانت قطبية الاستقصاء الغربي محصورة في إسرائيل على مدى عقود خلت، نجدها اليوم أضافت إلى روزنامة تعاملها مع قضايا المنطقة «النشاب» التركي بوضوح.
وإذا كان التقاطع اليوم بين المسعى الإسرائيلي الذي يقود المشهد من خلف الستار، وبين الدور التركي المتورط علناً في دعم الإرهاب واحتضانه، يصل إلى النقطة ذاتها من حيث تراتبية التبعية، لأن احتضان تركيا للإرهاب الذي يؤدي المهمة الإسرائيلية بالوكالة وتالياً تنفيذ ما هو مطلوب أميركياً دون أن تتحمل تبعات حضورها المباشر، بات اليوم الصورة التي تتصدر المشهد كاملاً.
والفارق أن الرعونة التركية ربما هي كانت أخطر من كل ما سبقها، وأكثر تلقفاً في الخطاب الغربي إلى الدرجة التي تحضر فيها مفردات الحرب والعدوان والتهديد والوعيد في صفاقة سياسية غير مسبوقة.. رافقتها حملة مسعورة من الأكاذيب الممنهجة الهادفة إلى تحضير الأرضية للكثير من الموبقات التي أقدمت عليها حكومة أردوغان في الماضي.
والأمر لا يقتصر على ذلك بل ثمة من يسخّن في الرأس التركي باعتبار أن تزعم تركيا للرداء الإرهابي يلقى قبولاً لدى المرتزقة وقد يسهل تسويقها سواء من قبل المال الخليجي الذي يتدفق بسخاء غير مسبوق أم من قبل العباءة الإسلامية التي تجسد فيها تركيا منطوقاً غربياً تم العمل على إدراجه في السنوات الأخيرة على أنه الناتج المنطقي لتفاعلات العلاقة بين أميركا والغرب عموماً وبين الإسلام.
على هذه القاعدة نرى هذا التدفق في الحراك التركي نحو مواطن الإرهاب حيثما حلَّ أو وجد.. ووفق معطياتها يمكن تفسير هذا الانحدار في خطاب سياسي بدأ يستل مفرداته من جعبة الإرهاب ووفق نموذجه المعتمد.
وعليها أيضاً نستطيع أن نقرأ تلك المراجعة غير المرئية في تراتبية الأداء التركي في الأيام الأخيرة، والذي يتجه نحو إعادة تموضع حساباته وفق بنك الأهداف المحدد غربياً وإسرائيلياً، وبالتوافق مع مشيخات الخليج التي تصرّ على ترميز أرقام حساباتها باللغة الأردوغانية ذاتها.
لكن ما فاتها اليوم هو ذاته الذي عجزوا عن استدراكه على مدى الأشهر الماضية بأن التزعم التركي العلني لحملة الإرهاب سيظل مفتقداً للحاضن الشعبي في الداخل الذي يرفض أن يزج تركيا في أتون حضيض لم يعتده الأتراك منذ أن خلعوا الجبة العثمانية… والعودة إليها بحلتها الأردوغانية لن تعدل في هذا الرفض، بل ستزيده وتؤكده، خصوصاً أنهم يدركون العواقب الوخيمة لأي تهور من أردوغان وأزلامه.
a.ka667@yahoo.com