ثورة أون لاين _ بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم : بإمكان السيدة كلنتون أن تحمل مصطلحاتها الجديدة وتفردها على الطاولة التركية اليوم.. وربما تستجمع ما فات منها وما بَطُل، ويستطيع «آمر» الدبلوماسية الفرنسية أن يستعيد ما يشاء من خيارات، وربما أن يثير ما يرغب من هواجس وعوامل قلق..
لكن، ليس بمقدورهما معاً على الإطلاق تجاهل الكثير من الخطوات البائسة وليس باستطاعتهما إغفال الدور الأميركي والتابع الفرنسي في تضخيم أصابع الإرهاب وتورم أدواته إلى حد التورط العلني وما يعكسه من تناقض.
في المبدأ، نجزم أن لعبة توزيع الأدوار لم تغب يوماً عن مفاعيل السياسة الأميركية، وحين يقتضي البازار الانتخابي المشتعل إعادة ترميم الأوراق المحترقة واستحضار الأدوات المؤجلة، فإن الرسائل المتناقضة التي يحملها الخطاب الأميركي على لسان مسؤوليه، ربما هي محاكاة لتمنيات مرتزقة أميركا وأدواتها، أكثر مما هي ترجمة لرؤيتها وسياستها.
فإعادة النفخ بالدور التركي ومحاكاة شطط الباب «الواطي» ودغدغة أحلام العثمانيين الجدد وصولاً إلى تجديد ما تكلس من دور عباءات النفط ومشيخات الخليج,محاولة يائسة, وربما أخيرة لنجدة الإرهاب ومرتزقته.
والواضح أن الدور التركي استنفد أغراضه.. رمى كل أوراقه.. والظاهرة الصوتية فيه تلاشت.. وفقاعاتها الباقية لن يطول بها الوقت حتى تزول.. والأوضح أن واشنطن تدرك ذلك جيداً، وأن تجارب تضخيمه وتحويله إلى منصة للاستهداف بكل الأشكال والطرق لم تجدِ نفعاً لأنها ورقة احترقت، وإعادة إشعالها ستطول الأصابع الأميركية أولاً.
وبعد أن تم تحريك اتجاهات ومواقع الخيارات جغرافياً وافتراضياً من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال ومن الشرق إلى الغرب، فإن العودة إلى حط الرحال في الجانب التركي لا تبدو مثمرة، وأقصى ما ستنتجه هو فقاعة إعلامية وسياسية متسرعة، لها ارتداداتها الخطيرة التي لن تقف عند حدود مفاعيلها السياسية والإعلامية المباشرة، بل ستحرك عواصف كامنة في المنطقة لا يمكن التكهن باتجاهاتها.
التركيز الأميركي من جديد على البوابة التركية لا يخفي من أجنداته العامل النفسي والمعنوي، الذي يبدو أن المرتزقة والإرهابيين بأمسّ الحاجة إليه بعد الانكسارات المتتالية وهزائمهم المتواصلة، وفي الوقت ذاته لا يُخرج من حساباته الجانب الإعلامي والدعائي الذي تحتاجه الأدوات الأميركية في المنطقة، وهي التي أسقط في يدها بعد أن أغلقت الكثير من البوابات التي كانت تصطاد فيها، بدءاً من مؤتمرات أعداء سورية التي خفت بريقها السياسي وصولاً إلى حلبات الصراع داخل أروقة الأمم المتحدة وقد استنفدت أغراضها الدعائية والإعلامية، مروراً بفقاعات تجميع المعارضة التي أماطت اللثام عن حجم المأزق الذي تواجهه وهي المنشغلة والمهمومة باقتسام المغانم « المفترضة » !!.
وحين تستعين الدبلوماسية الأميركية بتابعيتها الفرنسية على الجانب الآخر نستطيع تلمّس بعض الخفايا الكامنة في هذا التواتر بالتصريحات والمواقف ومحاولات إشعال المشهد بتراجيديا جديدة، خصوصاً أن وزير الخارجية الفرنسي يحمل في حقائبه ذات الأوراق التي تقامر بها واشنطن، وإن كانت مستأجرة بالوكالة.
على هذا النسق لا تخلو عملية استعادة الأوراق القديمة لتحضير المنطقة سياسياً ودعائياً والتركيز على الخيار التركي، من دلالة خطيرة في منحاها.. قد تدفع بحكومات التبعية في المنطقة، والسلالات الحاكمة، إلى أن تستل سهام غدرها لخوض المقامرة الأخيرة.. بإشعال المنطقة رغم اليقين بأن هذا الاشتعال غير مسموح به!!.
في الحسابات المفلسة تتجمع الأوراق.. ما احترق منها وما هو قيد التداول، وفي الخيارات اليائسة.. تلتقي وتتقاطع أدوار الأدوات، المستحدث منها أو المستعاد، تحضيراً لمشهد أهم عوامل وجوده الإرهاب.. بوجوهه المتعددة وأشكاله المختلفة في عملية نفير عام واستجلاب الأدوار تأجيلاً.. أو في الحد الأدنى إخراجها بما يحفظ ماء الوجه..
لكن ما عجزت عنه جوقة التآمر في الإرهاب والدعم والتمويل والتجنيد وفتح المطارات وإقامة معسكرات التدريب.. لن تطوله بالسياسة ولاغيرها.. وما كانت غير قادرة على تنفيذه في زمن الرخاء السياسي، يستحيل عليها تعويضه مع اشتعال البازار الانتخابي حتى لو دفعت بكل أوراقها وأوراق مرتزقتها وتابعيها، أو استحضرت إضافياً واحتياطياً العامل الإسرائيلي ونفيره المتزايد تحضيراً لاستخداماته القادمة!!.
a.ka667@yahoo.com