ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم: لم يكن مفاجئاً هـذا الاتهام السياسي، الصادر عن قوى وأطراف لبنانية في جريمة الأشرفية، طالما كان الاستثمار السياسي لتلك القوى والأطراف
قد اعتاد على المتاجرة بالدماء، ومارس احترافيته في الرقص على الأشلاء..
ولم يكن مستغرباً أن تجد فيه البوابة للعودة إلى مسرح الأحداث في محاولة لتعويض ما فاتها، وما عجزت عنه في أدوارها المشبوهة والمثبتة بالأدلة والقرائن.
ما نسوقه ليس اتهاماً، لأننا لم نعتد عليه ، ولا هو دفع لاتهام لا يستحق أن نرد عليه، بل هو حالة تستوقف أي متابع للمسألة بكل تفاصيلها وعناوينها.
ما يسجل لهم أنهم يجيدون المتاجرة إلى حدود لا نعتقد أن هناك من يجاريهم فيها، ويتقنون فن الرقص على الأشلاء، بما يعجز عنه الآخرون.. وما يسجل أيضاً، أنهم اعتادوا أن يعتاشوا على التكلم بأصوات غيرهم وأكثرها تناغماً كانت الأصوات الإسرائيلية التي برزت بشكل فاضح في توجيه الاتهام.
اليوم، المفارقة ليست في الاتهام ولا في آليته وتوقيته وشقه السياسي الفاضح، إنما في جملة من المعطيات المرافقة والتي تقتضي التمعن فيها ملياً.
في المبدأ يدركون هم قبل غيرهم أن هذا الأسلوب من الجريمة هو مدان، وفيه بصمات المستفيد، وهي واضحة لا تخطئها عين، لأن البحث عن المستفيد يستدرج فوراً رؤية الإسرائيلي، وقد تقمص الدور الموظف لكل هذه التداعيات.
على المقلب الآخر، كانت حلقة العارفين بوجود رئيس فرع المعلومات محصورة في دائرة ضيقة لا تتجاوز الأشخاص المقربين، والطائرة الخاصة التي قدم عليها، والمكان الذي جاء منه، وفق المعلومات المتداولة، وهذا يكفي لوضع عشرات إشارات الاستفهام!!
ويترافق ذلك مع التدافع السياسي على توظيف الحدث، وكأن المسرح قد تم تحضيره مسبقاً، إذ سرعان ما ذهبت تلك القوى للمطالبة باستقالة الحكومة، في ترجمة عملية ومباشرة لما هو مطلوب سياسياً للجريمة، سواء في الاتهام المسبق أم في الخطوات التي تلي ذلك، وصولاً إلى إحداث الفراغ السياسي الذي يؤمّن تغطية لتلك الأطراف ويطلق يدها لتأدية أدوارها في نسخته الجديدة.
وباعتبار أن جوهر القضية ليس في هذا السياق، بل يتحرك في إطار مختلف تماماً، وهو أن يدرك الجميع أن زمن البيع والشراء بأصوات إسرائيلية قد ولّى إلى غير رجعة، والاتهام السياسي الذي كان يتم السكوت عنه، لم يعد مسموحاً به، وكل كلمة واتهام يجب أن توضع في سياقها الذي يستلزم الإجراء المطلوب وليس الرد!!
ونعتقد أن ما هو مطلوب إزاء الاتهام السياسي يجب أن يكون في مختلف الأطر بما فيها القانوني وتحميل تلك الجهات والأطراف، المسؤولية الناتجة عن مثل هذا الاتهام.
وفي الاطار السياسي، نستطيع أن نجزم أن الأمر لا يستحق التعاطي معه إلا من زاوية الارتدادات الناتجة، باعتباره يبرئ ساحة المتهم الحقيقي، الذي سيجد الفرصة السانحة للإفلات من جريمته، وهذا ما حصل في الماضي ومن غير الجائز تكراره، مهما تكن المبررات أو المسوغات وحتى الظروف؟!..
في لغة الاتهام، ثمة الكثير مما يستوقف أي متابع.. ومن خلال مفرداته، نستطيع أن نقرأ ما هو أبعد في سياق الاستهداف والعودة إلى مصطلحات باتت من المنسيات في عالم السياسة، خصوصاً أن التباكي في المنهج والطريقة والأسلوب يشي بهوية من يقف خلف الجريمة وتداعياتها، فيما تسارع وتتابع الخطوات يميط اللثام عما خفيّ من أهداف سياسية لهذه الجريمة التي تولت تنفيذها استخبارات دولية كانت على علم ودراية ومعرفة بتلك الاهداف هذا إذا لم تكن هي من حدد هذه الأهداف سلفاً !!
a.ka667@yahoo.com