المعهد العالي لبحوث البيئة في جامعة تشرين..كنـز مــن المعلومــات والدراســـات.. متـى ســتؤتي ثمارهــا
ثورة أون لاين :
ابتسام ضاهر
قائمة لا تنتهي سنوياً من الأبحاث والرسائل والدراسات العلمية والاختراعات يقدمها طلاب وباحثو المعهد العالي لبحوث البيئة في جامعة تشرين يقضون وقتاً طويلاً جداً في جمعها وإعدادها، وتقام الكثير من الندوات والورشات التي تخرج بتوصيات مهمة،
إلا أن ذلك الجهد الكبير والعمل المكثف والتوصيات وتلك الأموال، التي ترصد ينتهي معظمه للأسف على رف مكتبات المعهد، يعلوها الغبار، وفي المستودعات تصبح مجرد أوراق، و تذهب توصياتها أدراج الرياح..!
فالمعهد يعمل ويقدم نتاجاً علمياً مميزاً، وابتكارات واختراعات يمكن أن تكون قابلة للتنفيذ، ويمكن الاستفادة منها بعوائد اقتصادية، وهذا ما يستوجب إعادة النظر في مصير تلك الدراسات وضرورة تفعيلها والاستفادة منها، لا أن توضع على الرف وتبقى أبحاثاً لاجدوى منها، لا تجد جهات حكومية أو خاصة تستفيد منها وتطبقها، ولا توجد جهة تفعل نتائج تلك الرسائل العلمية على أرض الواقع، رغم أن التاريخ علمنا أن كل الدول المتقدمة تقدم الدعم للبحث العلمي لأنه أساس البناء للمستقبل، وتدعم أولئك الطلاب وتعتبرهم ثروة بشرية، وتساعدهم لإبراز إمكاناتهم لتوظيفها لصالح بلادهم.
ويعد المعهد العالي لبحوث البيئة في جامعة تشرين، المؤسسة الوحيدة في سورية التي لا تعمل على تسليع البحث العلمي، وانطلاقاً من دوره في إجراء البحوث والدراسات العلمية في الموضوعات البيئية والاجتماعية المتعلقة بمناحي البيئة المختلفة، إضافة لتقديمه مشاريع دراسات وبحوث علمية مقترحة من الوزارات والمؤسسات الحكومية، مصنفة ومبوبة ضمن المحاور البحثية للمعهد العالي لبحوث البيئية، والذي يسعى حالياً لتقديم أبحاث ودراسات تتماشى مع متطلبات المرحلة الحالية التي يمر بها البلد، والتي تحمل نفساً وأسلوباً مختلفاً ويعمل على تطوير العديد من الدراسات البحثية والتخصصية لمختلف التخصصات للنتاج البحثي، وذلك تلبية لسوق العمل ولموضوع التنمية وإعادة إعمار سورية.
عن أهم تلك الدراسات التي تجسد مبدأ ربط الجامعة بالمجتمع والنهوض بمسيرة البحث العلمي لتلبية متطلبات التنمية في القطر وإعادة إعمار المجتمع والمساهمة في حل بعض مشاكل الأزمة ومخلفاتها قال الدكتور موسى السمارة عميد المعهد العالي لبحوث البيئة: نعمل في المعهد وفق استراتيجية و توجهات الحكومة ووزارة التعليم العالي بأن تكون الأبحاث لحل مشاكل متعلقة بطبيعة عمل المعهد، وأن تكون هذه الأبحاث تطبيقية أي الحلول والنتائج يمكن تطبيقها على أرض الواقع للجهات المعنية بالتنفيذ، ويهدف هذا التوجه لتحقيق مبدأ ربط الجامعة بالمجتمع، فلذلك تكون الأبحاث بشكل عام حلا لمشكلة بيئية لقطاع بعينه، مثال معالجة المياه أو معالجة الصرف الصحي أو حماية البيئة من ملوثات البيئة (التربة،الهواء، الماء) والتوجه بالنتائج للحصول على المنتج الأخضر من خلال الأقسام الثلاثة، قسم الكيمياء البيئية وقسم الوقاية البيئية وقسم هندسة النظم البيئية، وقد تتشارك الأبحاث وتترابط بالأقسام الثلاثة وأيضاً تسجيل أبحاث الدراسات العليا والبحث العلمي بما يتوافق مع توجه الحكومة بسياسة إعادة الإعمار والمرتبطة بالقطاعات المختلفة (قطاع البيئة المرتبط مع بقية القطاعات مياه، نقل، زراعة، البناء والتشييد، الصحة) والمعهد قام بأبحاث لها تطبيق على أرض الواقع من خلال النتائج المتحصل عليها من أبحاث طلاب الدراسات العليا والسادة الباحثين على مستوى المعهد العالي.
أبحاث مهمة تنتظر الدعم لتثمر
الدكتور حسين جنيدي رئيس قسم هندسة النظم البيئية قال: إن الفكر الأساسي في المعهد تطبيقي، وتتمحور الدراسات حول معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي والصرف الزراعي، ومعالجة المخلفات الصلبة، حيث يقوم المعهد من خلال خبرائه الموجودين فيه بإجراء دراسات تقييم أثر بيئي لمختلف المنشآت الصناعية المزمع إقامتها في محافظة اللاذقية والهدف من دراسة تقييم الأثر البيئي هو تسليط الضوء على الآثار السلبية والايجابية للمنشأة على البيئة والإنسان، وبالتالي وضع إجراءات للتخفيف من الآثار السلبية مثال: قدمت دراسة مهمة حول تقييم الأثر البيئي لمشفى حكومي يستوعب 60 سريراً على طريق اللاذقية كسب، كما قام المعهد بدراسة إعادة تأهيل مكبات القمامة العشوائية في طرطوس وحالياً هي قيد التنفيذ كما قدمنا مشروعاً مشتركاً مع مديرية الموارد المائية في طرطوس لتنفيذ محطة معالجة لعدد سكان قرابة 2000نسمة اعتماداً على النتائج البحثية، كما نأمل أن يوضع مقترح لواقط الزيوت بشكل تنفيذي وهو دراسة حول تقدير كميات الزيوت المطروحة المعروفة في شبكة الصرف الصحي في اللاذقية، حيث تبين من خلالها ضرورة تزويد كافة المطاعم بلواقط زيوت للتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عنها على شبكة الصرف الصحي والبيئة المائية، ونفذنا في الجامعة محطة تجريبية بحثية تعالج جزءاً من مياه الوحدة السكنية 17 ويعاد استخدام المياه في الري، واستناداً للنتائج المستخلصة اقترحنا مشروعا بحثيا مشتركا مع وزارة الموارد المائية لتنفيذ محطة معالجة تعتمد الحلول غير التقليدية في معالجة المياه، ونأمل نظراً لأهميتها أن تجد الدعم و توضع موضع التنفيذ لتثمر وتأتي الغاية من وجودها.
أجهزة جديدة تقدمة مشاريع إيراث سموس
عن أهم المحاور البحثية المقدمة في قسم الكيمياء البيئية تقول الدكتورة هاجر ناصر رئيسة القسم: هي دراسة التلوث الكيميائي في البيئات الجوية والأرضية والمائية والحيوية والأغذية يليها معالجة هذا التلوث باختيار منظومات طبيعية توفر الجهد والوقت والمال والكلفة، مثال استخدام قشور الحمضيات في تنقية المياه العادمة ونقوم بأبحاث هي قيد الدراسة كاستخلاص بعض المواد الفعالة من النباتات العطرية والطبية للاستفادة منها في المسائل العلاجية والصيدلانية، كما يقوم القسم بدراسة تأثير المبيدات على البيئة الزراعية، وتقييم التلوث الناتج عنها إضافة لتقييم الأثر البيئي عند قيام أي منشأة اقتصادية وتأثير هذه المنشأة على ما يحيط بها من بيئة جوية ومائية وحيوية، وفي المجالات الخدمية نقوم بالتعاون مع باقي المؤسسات الخاصة والعامة، فمثلاً نقدم كافة التحاليل المطلوبة في كليات الجامعة وفي مشاريع المؤسسات الخاصة والعامة ونقوم بإعداد دورات تدريبية تقنية أو كيميائية للطلاب والراغبين عن الأجهزة الموجودة في المخبر، إضافة إلى بعض المشاريع مثل تصنيع العطور والمنظفات
وفيما يخص المخبر والأجهزة الجديدة تضيف د. ناصر: لدينا مخابر تحتوي تجهيزات عالية التقنية، أما الأجهزة الجديدة فهي جهاز إلكتروني محمول لقياس الغازات تقدمة مشاريع إيراث سموس من خلال مشاركة جامعة تشرين مع مشاريع الاتحاد الأوروبي وهو لقياس نسبة التلوث للغازات السامة ولاسيما في ضوء الأزمة، فيقوم الجهاز بقياس نسبة تركيز هذه الغازات بالهواء خصوصاً في المناطق الملوثة، وأيضاً جهاز المحطة المناخية لتسجيل الحالات المناخية من أمطار ورياح ورطوبة ودرجات الحرارة، وسيتم ربطها بموقع الجامعة إلكترونياً عن طريق الإنترنت.
منظومات طبيعية تستثمر الفكر والجهد والمال
الدكتورة أميمة ناصر رئيسة قسم الوقاية البيئية تقول: إن المعهد يقدم أبحاثاً ذات قيمة عالية علمياً وتطبيقياً، وبعض الجهات استفادت من تلك الأبحاث، فمثلاً استطاعت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي استثمار نتائج البحث العلمي، وذلك من خلال إعادة تدوير روث مبقرة فديو وإنتاج الغاز الحيوي والسماد العضوي في المبقرة المذكورة، وتجرى دراسات مهمة في القسم كدراسة فعالية مستخلصات نباتات من المنطقة الساحلية تجاه بعض الفطريات الممرضة للإنسان والنبات، واستعادة بعض المركبات الطبية الصيدلانية المفيدة المتواجدة في بعض المخلفات الزراعية مثل سكر البتاغلوكان، ودراسات حول استعادة البروتين من مخلفات صناعة استخراج زيت الزيتون (مياه الجفت) وتغير تراكيز المركبات الفينولية الكلية في أوراق الزيتون كمعلم حيوي لتلوث الهواء في منطقة بانياس، ودراسة تحديد تراكيز نذر بعض العناصر المعدنية الثقيلة في أجناس من الفطريات الدعامية في منطقتي القدموس وبانياس، ونذر بعض العناصر الثقيلة في نحل العسل وبعض منتجاته (العكبر،الشمع) وإمكانية استخدامها كمؤشر على تلوث البيئة في المناطق الساحلية السورية، إضافة إلى دراسات حول تقدير حمولات بيوض الديدان الطفيلية في الحمأة الناتجة عن بعض محطات معالجة مياه الصرف الصحي في المنطقة الساحلية واستخدام أوراق أشجار الليغستروم والزفير كمراكمات حيوية للتلوث ببعض العناصر الثقيلة في مدينة طرطوس، إضافة لدراسة التلوث بالزئبق وتراكمه في بعض الأنواع السمكية في النهر الكبير الشمالي، والدراسة الجزئية لبعض الجراثيم الممرضة في الحليب البقري في محافظة اللاذقية
ضرورة توظيف إمكانيات البحث العلمي
أفكار وراءها جهد كبير وأبحاث يمكن في حال وجدت الدعم أن تؤتي ثمارها، فلماذا لا يتم ابتكار حلول وطرق جديدة تشجع على الاستفادة من تلك الدراسات، وتضعها موضع التطبيق العملي بإيجاد آلية تنفيذية حقيقية لا نظرية، تقوم بشكل جدي بالاطلاع على تلك الأبحاث وتدخلها في خطة تسويقية للجهات الحكومية أو الخاصة، من أجل الاستفادة من نتائجها بشكل يحقق ربط الجامعة بالمجتمع، وذلك للمساهمة في تطوير المجتمع وتعزيز مصادر الدخل الوطني وتنويعها.