ثورة أون لاين- أسعد عبود:
بقي 14 ألف مدرسة تنتظر 4 ملايين تلميذ وتلميذة..
مات كثيرون.. تهجر كثر.. هدمت مدارس وجامعات.. منع طلاب وتلامذة من دروسهم ومدارسهم.. وكان ذلك أهم ما هدد وجودنا الحضاري والمستقبلي.. لذلك كل الحق لسورية أن تورد أرقام الطلاب والتلامذة في مؤسساتهم التعليمية أو على مقاعد الامتحانات.. فهو فخر وافتخار موضوعي ومستحق.
تشكل مؤسسة التربية أحد أبرز مؤسسات الدولة في سورية التي تؤكد بموجب وجودها أو عدمه استمرارية الدولة من انهيارها. والقول إن أربعة ملايين تلميذ وتلميذة توجهوا أمس إلى 14 ألف مدرسة، فيه بيان عملي يوضح أن دولتنا ما زالت بعيدة عن الفشل، بل هي ابتعدت عنه أكثر، رغم كل ما عانيناه ونعانيه على كل صعيد.
يشكل التعليم في كل مراحله الأرضية الثقافية الأولى للسوريين ولغيرهم، منه ينطلق النبوغ والتوجهات والتخصصات والتألق والمعرفة. وقد اتصف في سورية بالتوحيد المنهجي، فالدولة هي راعية التعليم وممولته. وما من شك أن هذا التميز تعرض إلى انتكاسات كبرى في ظل الأحداث الكارثية التي شهدتها وتشهدها سورية. لكن ربما نكون استطعنا بجد، الحفاظ على الحدود المطلوبة لصمود هذه المؤسسة العلمية الثقافي الاجتماعية الكبرى.
نواجه اليوم تحدي الاستمرار. ولنحذر التراخي في المسألة الأولى… أي تحقيق شروط الأحسن. ومن الطبيعي جداً أن نتوجه بكل الشكر والتقدير لكل الجهود التي بذلت وتبذل للإمساك بالواقع التربوي ومنعه من الانهيار… نحن اليوم نحتاج الحرص على نوعية التعليم ومستواه وعدالته أكثر من أي يوم مضى بسبب ظروفنا الراهنة.
سأل صحفي (غوبلز) وزير الدعاية في ألمانية النازية عن المدارس والجامعات والمسارح والمؤسسات الثقافية التي تواصل عملها بكل اهتمام… وتمتلئ بالشباب… رغم ظروف ألمانيا بالحرب فأجابه: إن هؤلاء الشباب، إما حكام العالم إن انتصرنا، وإما الذين سيعيدون بناء ألمانيا إن هزمنا… هزمت ألمانيا النازية وخرجت من الحرب ممزقة مدمرة… وأعاد أولئك الشباب بناء ألمانيا.
هي تجربة للألمان تستحق كل احترام… وجديرة بقراءتها رغم مضي الزمن.. كذا تجربة اليابان والاتحاد السوفييتي وغيرهما.
فإن بذلنا الجهود الممكنة وقادتنا الإرادة وعمق الفهم لخصوصية هذا الدور.. وآمنا بأهمية ما نفعل ونبني.. وأوفينا المعلم و المعلمة.. المدرس والمدرسة.. جميعهم حقهم و وافر الاحترام لهم.. سيسجل التاريخ تجربتنا في هذا المجال كأهم عوامل الخروج من المأزق والتوجه لبناء سورية الحديثة.
as.abboud@gmail.com