كيف تُولد الأفكار؟ كيف تتطور؟ وكيف تتحول واقعاً أو مشروعاً؟ وهل يحصل هذا غالباً أم نادراً ما يقع لأسباب تتصل بالميل للاستسهال والتكاسل؟ وهو ما من شأنه أن يفتح واسعاً الحوار حول أسباب الانحياز للتكاسل والاستسهال!.
لتَلدَ الفكرة لا بد من أن تكون صاحب هم يَشغلك، يُلح عليك بطلب الحل لمشكلة ماثلة، وما لم تَكُن مهموماً شغوفاً مسؤولاً، فما من أفكار مُنتجة تُنتجها، تَحل المشكلة، أو تُطوّر ما أنت فيه، حالة مادية أم معنوية تتصل بالعمل أم بالحالة النفسية الانفعالية.
قاعدة ذهبية هي، راسخة وغير قابلة للنقض، إذ إن فاقد الشيء لا يُعطيه، والأفضل ألّا يُطلب منه، ذلك لأنّ النتيجة ستكون كارثية.
بالفطرة يَميل الإنسان للتطوير لا للتكاسل، ولا للركون إلى ما يُثير الملل والضجر، ولا يقع في فخ الاستسهال والتكاسل غير الذي بلغ اليأس أو استسلم لحالة القنوط، هم قلة في المجتمع لكنّ الخطير للغاية، بل الكارثي أن يتكاثروا وتَصير الغَلبة لهم، بمعنى الأغلبية!.
المُشكلة التي تُواجه الأفراد لا بُد من مُلاحظتها ورصد مُسبباتها وعوامل نشوئها أولاً، ليُصار إلى البحث في الحلول التي تَطوي صفحتها. تحقيقُ الغاية بطي الصفحة صحيحٌ أنه قد يَفتح صفحة جديدة لمُشكلة أخرى تَنبتُ على جوانبها، غير أن امتلاك قدرات طي الأولى شرطٌ لازم يُؤهل لطي مَثيلاتها مهما تعددت طالما بقيت الدوافع مُتوفرة.
الشعورُ بثقل المعاناة الناتجة عن تداعيات المشكلة أحد أهم المُحفزات والدوافع المُستدامة التي لا تدفع فقط، بل تَضغط للمُعالجة ولإنتاج الحل، يَنطبق ذلك على كل الحالات، ويَستوي مع جميع أشكال الأزمات والمُشكلات التي نُواجهها كأفراد ومُجتمعات، لا يَحتاج الأمر منّا سوى اجتماع نُفكر فيه بصوت مُرتفع لنَتَداول الأفكار عبر حوار مَسؤول، ستَبرز فيه حُكماً تَقاطعات مُهمة تُطور فكرة وتُسقط أخرى، وربما تَستبعد أُخريات.
التداول والتفاعل، والتقاطعات التي نَقبض عليها ستَجعل الخيارات أكثر تَعدداً، وقد تَتقلص أو يَنبغي لها أن تتقلص بعد الانتقال بالحوار لمرحلة القياس ودراسة الجدوى التي يُكتشف فيها ربما بدائل لم تكن قد نبضت بالفكرة في أول نشأتها، ومع الاستغراق بالحالة بحثاً وتنقيباً جدياً ربما تَنضج أخرى.. وهكذا وصولاً لمرحلة اتخاذ القرار بالمُعالجة على هذا النحو دون غيره.
نَفعل ذلك بشغف غالباً لمعالجة مشكلاتنا الشخصية سواء تعلقت بالمهنة والحرفة ومجال العمل الذي نحن فيه، أم اتصلت بالبيئة والمحيط بكامل مُكوناته، من الكوادر إلى القوانين ومنظومة القيم، بل بَحثاً عن الحل يَحدُثُ – قليلاً وكثيراً – أن نَرتكب مُخالفات للقانون وتَجاوزات على القيم، لكننا بالمُقابل نَتحلل من الالتزامات الأخلاقية والقانونية والقيمية، ونَتخلف عن الفعل الشَّغوف بالحل إذا كنّا أقل التصاقاً وإيماناً بالعمل ومجاله الحيوي، وعلاوة على ذلك نُظهر أبشع أشكال التكاسل والاستسهال لنُفاقم المشكلة ونَخلق سلسلة مُركبة مُعقدة من المشكلات، ثم لنَشتكي، أو لنُلقي باللائمة على س وص وع الذين هم نحن ولا أحد سوانا؟!.
هل هذا تَوليدٌ للأفكار أيضاً لكن بالاتجاه المعاكس؟ نعم، للأسف الأفكارُ السلبية تسود، التكاسلُ والاستسهال يَطغى، يَنبغي أولاً أن نُوقف التراجع لنَتمكن من إعادة التنظيم قبل مُحاولة التصليب التي تَضمن التقدم .. يَليق بنا أن نَفعل، هذا أقل الواجب!.
علي نصر الله
التاريخ: الخميس 13-12-2018
الرقم: 16859