لأن «توم مونك» يعتبر العلماء هم أدواتُ السلطة التي تتسبب بخلق واقع متهالك ومتشظٍ، استمر بقتلهم طوال عشرين عاماً.
بطل الروائي الأرجنتيني ريكاردو بيغليا في عمله «الطريق إلى إيدا»، المدعو (مونك) يذكّرنا بالخبر الذي انتشر مؤخراً عن قتل روبوتات متطورة لـ (29) عالماً يابانياً..
متى، فعلياً، يمكن للعلم أن يشكّل خطراً ويهدد سلامة البشرية..؟
وهل صحيح أن العلماء باسم العلم والتقدّم ينتهكون الحدود الأخلاقية مضيفين شيئاً من الشرعية على عنف مغطىً بقشرة التكنولوجيا..؟
من أكثر سمات القوة التي تتصف بها الرواية أنها تلملم واقعاً متشظياً، تعيد تشكيله بإعادة تركيب أشلائه وفق منظور يطرحه الكاتب.. فتنثر أسئلتها الخاصة المؤاتية لفك شيفرة زمن معين أكثر من غيره.
لعل الروائي حينها يمارس هواياته في تشريح بنى مجتمعية ينتمي إليها.. وهو بالضبط ما فعله «بيغليا» عبر طرحه نموذج بطله الذي أعلن ثورته على العلم ولسانه ينطق عبارته: «سنصبح متمردين مثل بروميثيوس ورجالاً حقيقيين للأفعال عندما نكون قادرين على إلقاء قنابلنا الحارقة على الرياضيات والعلم»..
هل هم علماءٌ يستمرون بتطوير تقنيات أسلحة عبر روبوتات خاصة بالأغراض العسكرية كما في الخبر السابق..؟
كيف يتم تصنيف من يقتل هؤلاء العلماء..؟
هل هو قاتل.. إرهابي.. بطل.. ثوري..؟
بالطبع ستختلف الاصطفافات، وعلى الرغم من كل عشوائيتها، وتعدد زوايا رؤيتها، تبقى الغالبية العظمى من البشر على الضد تماماً من استفحال وتغوّل الرأسمالية على الاقتصاد وشتى سبل الحياة.. عندها يمكن أن نتساءل سؤال برتراند راسل في كتابه «أثر العلم في المجتمع»:
هل في إمكان المجتمع العلمي أن يكون مستقراً..؟
على رأي راسل في المجتمع العلمي «نجد أنفسنا في سباق بين مهارات الإنسان بالنسبة للوسائل وطيش الإنسان بالنسبة للغايات… فالمعرفة قوة، لكن القوة يمكن ان تكون للشرّ قدر كونها للخير. يُستنتج من ذلك أن الإنسان ما لم تزدد حكمته بقدر زياده علمه، فإن زيادة العلم تعني زيادة الأحزان».
lamisali25@yahoo.com
لميس علي
التاريخ: الخميس 3-1-2019
الرقم: 16875