جزاءُ سنّمار

يُدهِشُكَ أحياناً تشابُهُ الحوادثِ في حيواتِ الشعوب وتواريخها، سواءَ في لحظاتِ سموّها، أو لحظاتِ انحطاطِها؟! والشواهد أكثر من أن تُحصى على ذلك؛ ومن أطرفِها وأكثرها إيلاماً وغرابةً حادثتان واحدة في التاريخ العربي القديم؛ حدثت في مملكة الحيرة التي أسسها وحكمها المناذرة اللخميون في جنوب وسط العراقِ وامتدَ نفوذها فشَمَلَ العراق كلّه، ولُقِّبَ ملوكها «بملوك العرب»، وقد عاصرت زمنياً مملكة تدمر..
والحادثةُ الثانية في موسكو عام 1561 أي بعد الحادثة الأولى بما لا يقلُّ عن 1100سنة.
في الأولى كما قرأنا في كُتبِ التُراثِ كَلّفَ ملكُ الحيرة الأشهر النُعمانُ بن امرئ القيس بَنّاءً متميّزاً (وربما كان بيزنطيّاً) يدعى سنّمار ببناءِ قصرِ الخورنق الذي ذكرته أشعارُ العربِ كثيراً، فبناهُ الرجُلُ وأحسنَ في بنائهِ واستغرقَ منه الأمرُ عشرين َ عاماً…
حتى إذا سَارَ في جوانبِهِ رفقة النعمان.. أبدى الملك إعجابه الشديد بجمالِ وروعةِ القصرِ، وسألَ البَنّاءَ الفنّانَ، هل يقدرُ أن يُعمِّرَ قصراً بمثلِ روعتِهِ، فأعلن أنّه يقدر، لكنّ ما يميّز هذا القصر من سواه أن فيه حَجراً لو انتِزعَ من مكانِهِ لانهارَ القصر كُلّه، وما على الملكِ إلا أن يفعل ذلك في حالِ احتَلَّ أعداؤهُ القصر، فيقتلهم فيه..
كان الرجلانِ قد بلغا أعلى البناء، فما كانَ من النعمان إلا أن دَفَعَ سنّمار ليسقطُ ويتكسّر أسفل جدارِ القصر الذي بناه.
وتروي الحكايةُ أن النعمان فعل ذلك خشيةَ أن يبني المُهندسُ قصراً مثله لملكٍ آخر، أو يكشِفَ سِرّ الحجرِ الخطير.
وأصَبحَ مصيرُ سنّمار مثلاً على ألسنةِ الناسِ حتى يومنا هذا، يُضرُبُ في غدرِ المرءِ بصاحِبهِ، أو نكران الفضلِ والمعروف وما إلى ذلك، حتى قال الشاعرُ العربيَ:
جَزاني جزاهُ اللهُ شَرَّ جزائِهِ جزاءَ سنّمارٍ وما كانَ ذا ذنبِ
أما الحادثةُ الثانية فتتعلّقُ ببناءٍ خارقِ الجمال يقعُ في الجزء الجنوبي من الساحة الحمراء في موسكو، وقد بناهُ معماريّان يُدعيان: بارما وبوستنيك بأمرٍ من القيصر إيفان الرهيب، يُعرف هذا البناء بمعبد فاسيلي بلاجينّي أو كاتدرائيّة بوكروفسكي (فيما بعد) وقد بُنيَ احتفاءً بالاستيلاءِ على «كازان» والانتصار على التتار، وحين شاهدَ القيصر الشهير جمال هذهِ التحفة المعماريّة خشيَ أن يبني الفنّانانِ مثيلاً لها لملكٍ آخر فأمَرَ بأن تُفقأ عيونهما…
هل حدثتِ الأمور على هذا النحوِ، وكما روت كُتب التُراثِ والأدب أم أنها تنطوي على الكثير من المُبالغة، لا نعلمُ على وجه التحديد؛ لكنهما حادثتانِ تعكسانِ بصورةٍ مؤلمة مصيَرَ المبدعين الذين يقدّمونَ الجمالَ للآخر، فلا يحصدونَ إلّا الألمَ والعذاب.

إضاءات
د. ثائر زين الدين
التاريخ: الأحد 6-1-2019
الرقم: 16877

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة