غطى مسرحنا القومي في طرطوس فترة الأعياد والعطلة الانتصافية عروض مسرحية متنوعة للأطفال حيث تجسد المسرح الشخصي في مسرحية «مغامرات سمسم والخفافيش» لمخرجها مجد مغامس.. ومسرح العرائس قدم عروضاً رائعة منوعة منها: البقرة الضاحكة.. من تأليف وإخراج طارق الحسين ووعد الجردي..وجاء العرض الأخير مسرحاً استعراضياً تحت عنوان «منزل سانتا» تشاركَ في إنجازه كل من «براءة صالح ، عيسى صالح، أطفال استديو توازن..» وقد بلغ عدد المشاركين أربعين شخصية لأعمار تبدأ من خمس سنوات وتنتهي بعمر الثلاثين ربما..وفيما يلي نلخص أهم النقاط المميزة في هذه العروض..
ربما كانت الدمى في مسرح العرائس هي الأقرب إلى ذاكرة الأطفال، لبساطة في الموضوعات، ولأن الدمى توافق متخيلات الأطفال، بل هي جزء مهم من ألعابهم..وفق هذا السياق كانت مسرحية البقرة الضاحكة طفلية بديكوراتها الكارتونية، وشخوصها.كذلك كانت في ترتيب غاياتها التربوية الهامة..فالغذاء الجيد صحة وعافية وقوة وبناء..وقد تحقق هذا المبدأ عبر نشاطات غنائية وحكائية محببة، حققت تفاعلاً بين الأشخاص وبين جمهور الصالة من الأطفال وبعض أوليائهم..كما حققت تواصلاً مباشراً، تمكن من ترتيب أغراض تعليمية، أكدت على استيعاب جمهور الصالة من الأطفال مادة النص الثقافية والتربوية.. هكذا توالت فقرات العرض بانسجام كلي، حيث لعبت الديكورات والمجسمات دورها الإدهاشي، كبيئة برارية ريفية حاضنة، أعطت مسرح النص انسجاماً استمال الأطفال وعزز دور التأثير على القبول والتلقي.. ساعد على هذا إضاءة استمرت في تأثيرها اتفاقاً مع موسيقا تصويرية تناسب موضوع الفرح والرقص الإيقاعي الغنائي..
.. وكان للمسرح الاستعراضي الأصعب في وجوده وحضوره الراقي والأجمل استثناء مفاجىء..عرض فاق توقعاتنا بتقانته وفرحه وجاذبيته.. فاستحق إعجابنا وقولنا عنه: كان بطاقة فاقت الحسابات، أو هو هدية الهدايا لفترة أعياد، عاشتها سورية فرحة بما حققته من الانتصارات على الغزاة..
والمسرح الاستعراضي هو أصعب أنواع الفنون كما نعرف، فهو يحتاج إلى أزياء وتصاميم لافتة، تلائم توجهات الاستعراض وقيمه الفكرية والتربوية النفسية، خاصة وأن العنوان وضع المتلقي أمام أسطورة سانتا الخيرة، ونقل جمهور الأطفال وأهاليهم إلى مسرح تسود فيه المحبة ولاشيء سواها ..ويبقى حراك الرقص المتنوع على خشبة المسرح أميز من المألوف العادي، خاصة وانه ترافق مع تسجيلات غنائية صوتية قوامها التآلف والإيحاء والانسجام، أداها الممثلون بمهارات دلت على تدريبات شاقة ومضنية..وإلا ما كان الاستعراض قد حقق مثل هذا النجاح الباهر..لقد تمكن المايسترو عيسى صالح، ومعه براءة صالح من لعبة الاستعراض المسرحي بجدارة سيطرت على حواس جمهور الصالة..خبرة مميزة لهما، جعلت من الكادر الراقص ينتقل بين الدوائر والأدوار..كأنه على أرض ملعب فسيح وليس على مسرح ضيق.
مع خاتمة هذا الرأي فيما شاهدناه، يسعنا القول: إن أدواتنا الثقافية كانت ومازالت منابر إنارة ثقافية وإعلامية..ترسم مستقبل الأجيال، بل مستقبل بلادنا الحضاري الإنساني.. رغم وحشية الغزاة…
علاء الدين محمد
التاريخ: الثلاثاء 8-1-2019
الرقم: 16879