الثورة – د. مازن سليم خضور:
صراخ طفلة سبب حالة لاستذكار المأساة التي نعيشها.. في مشهد سبب لي وللحاضرين الكثير من الحزن والألم بالإضافة إلى شعور بالانكسار طفلة تودع أباها في مطار دمشق الدولي وهي تصرخ لأبيها وهو مسافر في رحلة إلى بنغازي حسب ما أعلنت عنه إذاعة المطار بالنداء على ركاب الرحلة والطفلة تصرخ وتبكي وتنادي بابا بابا.
الوالد عبارة عن شاب في مقتبل العمر لم يستطع أن يمنع دمعته كيف لا وكل من كان يراقب المشهد دمع في صورة جسدت الواقع، كنت أنظر في وجوه المسافرين والنسبة الكبرى منهم في ريعان الشباب يصطفون في رتل طويل وحقائبهم أمامهم ويحاولوا أن يبقوا نظرهم إلى اللوحة التي تظهر مواعيد الطيران وعلى ما يبدو أنهم كانوا ينظرون إليها وكأنها النظرة إلى غد مشرق ولا يريدون النظر للخلف وما يمثل من ماض أو حتى لا يتكرر مشهد وداع الطفلة لأبيها.
في تلك الأثناء كانت وسائل الإعلام مشغولة ومنشغلة بقضية الطفل المختطف فوّاز قطيفان الذي اختطف من بلدة ابطع من ملثمين دراجة ناريّة قاموا باقتياده نحو جهة مجهولة منذ ثلاثة أشهر والتي شغلت الرأي العام بعد انتشار مقطع فيديو مصوّر يظهر العصابة الخاطفة وهي تقوم بتعذيبه بطريقة وحشيّة ، الفيديو المنتشر على تعاطف مختلف شرائح المجتمع من جمهور مواقع التواصل الاجتماعي و المؤثرين من مختلف الجهات خلال إطلاق هاشتاغ #أنقذوا_الطفل_فوّاز_قطيفان الذي مكث تحت التعذيب بيد العصابة التي اختطفته من بلدة ابطع بريف درعا قبل أن يتم إعادة الطفل لذويه لاحقاً مقابل دفع مبلغ مالي.
وسائل الإعلام أيضا عرضت مشاهد لطفلة صغيرة ترتعد قدميها من شدة البرد في أحد مخيمات النازحين السوريين في مشهد قاس ومؤلم بحق الطفولة أولا وبحقنا كسوريين ثانياً في صورة تمحي أي انقسام وتنظر لها من خلال أن تكون إنسانا فقط.
هذه الطفولة التي دمرتها الحرب وكنا في سلسلة الحرب الأخرى تحدثنا عن موضوع استهداف هذه الحرب لفئة الأطفال بعنوان” أبناء الموت.. الفطام القاتل ” نشرت بتاريخ ال 27/1/2022 ضمن سلسة “الحرب الأخرى ” في الثورة أون لاين تحدثنا فيه عن أطفال الحرب وتداعيات الحرب على سورية على هذه الفئة من حيث الصحة والتعليم وصولا إلى الأطفال المرميين على أبواب المشافي والمنازل وغيرها.
آثار الحرب على هذه الشريحة أكثر من أن تعد بتقرير أو مقال ولذلك مهما أعدنا وكررنا هذا الموضوع فهذا يدل على أهمية الموضوع من جهة والتأثير الكبير للحرب على الأطفال وما تم البدء عنه في بداية المقال من قصص لمعاناة إلا جزءا يسيرا عن الجرائم المرتكبة عليهم وبحقهم خاصة أن الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى التنظيمات الإرهابية ماهي إلا عوامل ومسببات حقيقية في زيادة المأساة لهذه الشريحة وفيما يلي مجموعة من الجرائم المرتكبة على الأطفال وطرق التعذيب خلال شهر كانون الثاني فقط والتي أعلنت عنها وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية:
– شرطة باب النصر في حلب تكشف ملابسات حادثة خطف طفل رضيع ووفاته خنقاً ويلقي القبض على الفاعل.
وفي التفاصيل تمكن قسم شرطة باب النصر من كشف ملابسات حادثة الوفاة وقام بإلقاء القبض على الفاعل وهو المدعو (فراس . ح) تولد 2005، وبالتحقيق معه اعترف بإقدامه على خطف الطفل بسبب وجود خلافات شخصية مع أهل الطفل، وإخفائه في منزل عائد لذويه في حي البياضة وأثناء بكاء الطفل وخوفاً من أن ينكشف أمره قام بوضع يده على فم الطفل ووضع ألبسة فوقه كانت موجودة في المنزل مما أدى لاختناقه ووفاته.
– أقدمت على خنق وقتل طفل زوجها وتعذيب طفله الآخر وفرع الأمن الجنائي في السويداء يلقي القبض عليها.
وفي التفاصيل أقدمت على قتل ابن زوجها الطفل (جابر) مستغلة غياب والده عن المنزل وبسبب بكائه قامت بضربه على وجهه عدت مرات بغية إسكاته مما زاد بكاؤه أكثر وكونها تكرهه قررت التخلص منه وقتله حيث قامت بالضغط على عنقه بيديها حتى فقد وعيه ، كما اعترفت بتعذيب شقيق المغدور الطفل ( خالد ) البالغ من العمر سنتين ونصف عن طريق تحريض ابنة عمه ( فاطمة . ع) البالغة من العمر ثلاثة عشر عاماً لحرق الطفل (خالد) بواسطة أداة صلبة بعد تسخينها وحرقه بها على جميع أنحاء جسمه .
– قـاتل الطفل (محمد كمال خباز) في قبضة العدالة.
وفي التفاصيل أن القاتل بعد الخلافات مع زوجته أرسل مقطع فيديو لزوجته يهددها فيه بأنها المرة الأخيرة التي تشاهد فيه طفلها (من زواج سابق)، وتوجه به إلى منزل مهجور قريب من قريته وقام بتشغيل الجوال على التسجيل فيديو وهو يقوم بضربه بيديه وقدميه وتعذيبه والتنكيل به ثم أقدم على طـعنه بسكين كانت بحوزته وخنقه بيديه حتى فارق الحياة، وتوجه بعدها إلى منزله وأحضر بطانية وقام بلف جـثة الطفل ووضعها قرب المنزل المهجور وتغطيتها بالقش والنباتات.
أمام كل هذا نرى أن الطفولة أصبحت مجال لتصفية الحسابات بين الكبار سواء في الحرب أو ضمن الأسر وعليه نكرر أنه يجب على المعنيين أخذ هذا الموضوع بالعمل الجاد من خلال العمل على توفير نظام اجتماعي قانوني إعلامي يعنى بهذه الظاهرة كالعمل على إنشاء مؤسسات اجتماعية لحماية ورعاية الأطفال وتفعيل المؤسسات الموجودة وإنشاء مراكز مهمّتها تأهيل أطفال نفسياً ومهنياً وتفعيل دور الإعلام بوسائله المختلفة لزيادة وعي المجتمع وتحريك الرّأي العامّ حول قضايا الطفولة.