تقول أوليفر هولمز بعد عامين من الطبل والزمر والتهليل من قبل الرئيس الامريكي لخطة السلام في الشرق الاوسط وفي فلسطين بالذات بان هذه الخطة هي مضيعة للوقت وهي فقط للتصدير الاعلامي واستعراض امام كاميرات الصحافة العالمية ، لان الخطة او «الصفقة النهائية» الخاصة بإسرائيل ودونالد ترامب المقدمة للفلسطينيين على وشك إدخال ما يدعي مهندسوها هي في مرحلة ما قبل الإطلاق والواضح جدا انه لن يتم اطلاقها.
فقد قال الرئيس الأمريكي إن خطة السلام التي أعدها فريقه – وهما محاميان شخصيان سابقان وصهره جاريد كوشنر – سيكونان جاهزان للكشف عنهما بحلول نهاية يناير كانون اول عام 2019. لكن على الرغم من التوقعات المحيطة بمقترحات ترامب بحل أحد أكثر الصراعات المستعصية في العالم ، فإن خطة أكثر أهمية للمنطقة يجري تنفيذها بالفعل على الأرض وهي محاولة لتقوية إسرائيل مع إضعاف موقف الفلسطينيين.
وواحدة تلو الأخرى نفذت الولايات المتحدة المطالب الرئيسية للوبي اليمين الإسرائيلي المتشدد ، وخفضت بشكل كبير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين ، خاصة مع إعلان مدينة القدس كعاصمة لإسرائيل، وإغلاق المكاتب الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن ، وإغلاق قنصليتها الخاصة التي تخدم الضفة الغربية المحتلة وغزة.
بالنسبة للفلسطينيين فإن هذه صفقة السلام هي عرض جانبي والقضية الأكبر هي تنفيذ رغبات إسرائيل من قبل الإدارة الأمريكية وقد قال ترامب مراراً وتكراراً ان هذه الإجراءات تهدف إلى إجبار الزعماء الفلسطينيين – الذين يرفضونه كلياً كوسيط – على بذل جهود سلام. وقال ترامب أيضا إن إسرائيل ستضطر إلى «دفع ثمن» للسلام ، رغم أنه لم يحدد ما سيكون. ورد الزعماء الفلسطينيون بالقول إنه لا توجد خطة حقيقية للتوصل إلى حل عادل. وقالت حنان عشراوي ، وهي سياسية فلسطينية بارزة: «إنها حقا كذبة». «الجميع يعمل على هذا المفهوم الخيالي. [الولايات المتحدة] أصبحت شريكة لإسرائيل وهي تنفذ سياسات إسرائيلية. كل ما نراه هو إجراءات أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل … يجري الآن تصميمها على ارض الواقع . وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاسرائيلية إن «الأولوية القصوى» قد وُضِعت على تحقيق صفقة شاملة ، ولكنها ستكون «صعبة» وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد ادلى جايسون جرينبلات بتصريح خطير قائلا : إن بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة – غير القانوني بموجب القانون الدولي – ليس عقبة للسلام وان السفير الأمريكي في إسرائيل ، ديفيد فريدمان، محامي الإفلاس الذي عمل أيضاً في شركة ترامب، كان أكثر صراحة في دعمه لبناء المستوطنات الإسرائيلية ، وحتى ضم الأراضي الفلسطينية.
وتابع جرينبلات : ستذهب الولايات المتحدة في دفع الجانبين لقبول الصفقة ، مما يعني أن الخطة عرضة للانهيار «يجب على الأطراف أن تقرر ما إذا كانوا يعتقدون أن الخطة تعمل من أجلهم وستجعل حياتهم أفضل، وهل الذي يجري تنفيذه بالفعل على أرض الواقع هو لمصلحة الفلسطينيين، بالتاكيد هو فقط لمصلحة ترامب واسرائيل ، لانه لا يوجد نية حقيقية للسلام من قبل ترامب ونتنياهو.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي ، بنيامين نتنياهو ، الذي يدرك تمامًا الشعور العام مع اقتراب الانتخابات ، إنه لا يرى «ضرورة ملحة» بشأن ترامب ان يكشف عن خطته للسلام.
وكان وزير دفاعه السابق أفيغدور ليبرمان أكثر وضوحا عندما سئل عن اتفاق سلام يمكن أن يؤدي إلى حكم ذاتي فلسطيني قال : «أنا لا أهتم بدولة فلسطينية» ، وقالت وزيرة العدل إيليت شاكيد إنها ستخبر ترامب بأن الخطة «مضيعة للوقت»، وقال دبلوماسي أوروبي في القدس لصحيفة الغارديان بشرط عدم الكشف عن هويته انه «من الممكن بوضوح أن نصل إلى نهاية رئاسة ترامب بدون مقترحات سلام». ومع قلة النجاح المتوقع ، يُعرض على الفلسطينيين خياران: اما قبول خطة صياغتها من قبل الإدارة الأمريكية الأقل قبولاً لقضيتهم منذ بدء جهود السلام ، أو الاستمرار في مواجهة إجراءات عقابية إذا تم رفض الخطة بشكل مباشر ، وهي التي ترسخ فيه إسرائيل احتلالها للضفة الغربية وتستمر في فرض حصار على غزة.
هذا ويصر المسؤولون الأمريكيون على كذبة وجود جهود حقيقية للسلام وهو امر غير صحيح، لان المهندسين المعماريين الرئيسيين الثلاثة لخطة السلام – جميعهم جاؤوا من خلفية تجارية وكان موقفهم هو معالجة القضية كصفقة. ويرى ترامب أيضا أي مفاوضات على أنها معاملات تجارية ، قائلا إنه يتعين عليه إجبار الفلسطينيين على التوصل إلى اتفاق عن طريق إضعاف أيديهم من خلال تخفيضات المساعدات ففي رسالة بعثت قبل عام إلى مسؤولين كبار في الاونروا حول خفض التمويل إلى وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين ، كتبت الأونروا الى كوشنر في رسائل البريد الإلكتروني الداخلية التي حصلت عليها السياسة الخارجية: «لا يمكن أن يكون هدفنا الحفاظ على استقرار الأمور كما هي … في بعض الأحيان عليك أن تخاطر استراتيجيًا بتكسير الأشياء للوصول إلى هناك. وقالت تانيا هاري ، المديرة التنفيذية في غيشا ، وهي منظمة إسرائيلية غير ربحية تشجع حرية حركة الفلسطينيين ، إن مكتبها بدأ في تلقي اتصالات من فريقه يطرح أسئلة حول الاقتصاد في غزة.
وقالت هاري: «كان انطباعي في ذلك الوقت هو أن الأشخاص الذين يهتمون بالأعمال التجارية كانوا يتعاملون معي ، وكانوا يعتقدون أنهم يستطيعون حل المشكلة من منظور تجاري.» وقالت: «لقد أدركوا أن هناك عقبات أمام النمو تتضمن فرض قيود على الحركة والوصول» ، مضيفة أن نصيحتها كانت أن مشاكل غزة لا يمكن حلها عن طريق عزلها عن الضفة الغربية وإسرائيل، وانا»لست متأكدة مما إذا كانت هذه [الرسالة] قد نفذت».
The guardian
ترجمة غادة سلامة
التاريخ: الثلاثاء 15-1-2019
الرقم: 16885