حــــول «النبـــوءات» الأميركيــــة بشــــأن اســــتمرار الحــــروب وتدويــــر الإرهـــابيين

 

يبدو أن أميركا تبحث عن متعهدين لحماية قسد وتركيا وداعش معاً، للالتفاف على وعود ترامب الانتخابية، والتحضير للانتخابات المقبلة مع نية استمرار (الحروب الأبدية) التي زعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سينهيها.
وما رشح يدل أن أميركا تريد ضم عناصر داعش إلى شركة (بلاك ووتر) ذات السجل الأسود، وهو أمر يداعب الخيال الأميركي بغية زجهم في منطقة الشمال السوري، إذ يكثر الحديث عنها بين أنقرة وواشنطن وقد عبر رئيس بلاك ووتر خلال مقابلة مع قناة فوكس بزنس الأميركية عن ذلك.
وقد رشح عن وصول ترامب إلى القاعدة الجوية في العراق أن بعض القادة الأميركيين المسؤولين عن العمليات حاججوه بأن النصر على تنظيم (داعش) أصبح في متناول اليد، وأن الجيش مستعد لاستكمال المهمة، ليزعم ترامب دفعة واحدة أن إدراكه للوضع قد تحسن بعد حديثه مع القادة في مسرح العمليات، بدلاً من المسؤولين في واشنطن.
الحديث عن حبس الأنفاس والتقاطها لدى الدبلوماسيين والشيوخ الأميركيين في الولايات المتحدة، من أجل التخطيط لانسحاب (أكثر تأنياً) من سورية، يدل على أن خطة أميركية جديدة تتبلور بعد كل الضجة التي أحدثها قرار الانسحاب، الذي يبدو خلبياً حتى الآن والذي لن ينجز بالسرعة المطلوبة حسب ترامب، ولا سيما أنه بعد انقضاء قرابة 4 أسابيع على القرار، لم ينسحب جندي أميركي واحد من سورية، وكل ما تم نقله كان بعض العتاد.
البنتاغون عضد الحكومة الأميركية الخفي يتحدث عن رغبته بعدم مشاهدة انسحاب (بإطار زمني متعسف) وكأن احتلال أراض سورية والعدوان على المدنيين السوريين ليس أمراً فيه تعسف.. كل حاشية ترامب تريد تحقيق إنجازات أميركية في سورية تحت بند ( أكبر الإنجازات الممكنة في الأيام الأخيرة من الحملة على سورية) وهذا كلام أميركي ينبئ بإجراء ضربات أميركية أخيرة تستهدف ترسيخ المخطط الأميركي قبل الخروج من سورية لإرساء واقع حرب مستمرة يصعب إيقافها قبل وقت طويل، تلعبها تركيا تحت شعارات العداء لقسد مع ذر الرماد الأميركي بعيون الرأي العام العالمي في الحديث عن عقوبات ضد تركيا حليفة أميركا في حلف الأطلسي، بينما المياه من وراء الكواليس تسير بنيات مبيته نحو استهداف أميركي جديد لسورية، لن يكون له الحظ بالتحقق وهو المنطقة الآمنة التي كثر الكلام عنها في شمال سورية، علماً أن الحرارة بين ترامب وأردوغان عكس ما يشاع عنها بأنها باردة، وقد تمخضت عن اتفاق حول إقامة هذه المنطقة المزعومة داخل الأراضي السورية.
ولو عدنا إلى النبوءات الأميركية بشأن المدة الزمنية اللازمة للقضاء على داعش حيث كانت قبل سنتين نحو 30 عاماً، أي إن أميركا كانت تريد البقاء في سورية كل هذه المدة الطويلة، ولكن انخفض هذا السقف كثيراً بعد ذلك وأصبح المسؤولون، العسكريون الأميركيون يرفضون التنبؤ بالسرعة التي يمكن بها القضاء على التنظيم من أجل رفض الانسحاب السريع، متحدثين عن الإحساس بالمسؤولية، كحديثهم عن الإنسانية، ولكن حروبهم لا إطار زمني لها ودائماً ما تختلق الذرائع لتمديدها!
أما على خط النقاشات المتصاعدة بشأن شرقي الفرات فسورية هي صاحبة السيادة على المناطق التي سينسحب منها الأميركيون عندما سينسحبون، وهو الأمر الذي ينغص أحلام ساسة تركيا الذين لديهم نوازع توسعية في المنطقة، وقد يتخذون من قرار الانسحاب الأميركي ذريعة لحرب استنزاف كبرى في سورية بقيام الجيش التركي بتنفيذ هجومه العسكري الذي يلوح بإقامة منطقة عازلة بمسمى حماية الأمن القومي التركي من خطر قسد، والهدف التركي الأطلسي ابتزاز سورية لفرض الشروط السياسية بإدخال الجماعات الإرهابية التي يدعمها الرئيس التركي رجب أردوغان وخاصة جماعة الإخوان المسلمين في الحل السياسي، علماً أن سورية التي انتصرت ودحرت الإرهاب من معظم أراضيها قادرة على التصدي لأي عدوان تركي على الأرض السورية وإفشال محاولات أردوغان الذي يبحث عن ثمن.
ثمة معطيات عديدة توحي بأن أردوغان لايزال يستمرئ اللعبة التي بدأها في سورية قبل 8 سنوات، ولكن هل ينفذ هجومه العسكري في المنطقة الشمالية التي ينسحب منها الأميركيون أم يستمر التعاون بينهما لإنشاء المنطقة الآمنة المزعومة، والهدف منها ألا تستعيد سورية سيادتها على أرضها، علماً أن انتشار الجيش العربي السوري على الحدود هو الذي سيسد الذريعة التركية المتعلقة بما يسمى الأمن القومي التركي، كما أن تركيا لا تزال تماطل بشأن القضاء على جبهة النصرة الإرهابية في إدلب وغربي حلب بحسب اتفاق سوتشي، ما يعطي الحق للجيش العربي السوري القيام بعملية عسكرية لتحرير إدلب التي لا تزال أميركا وتركيا وقطر تدعم الإرهابيين فيها، وتلوح باستخدام الكيميائي إذا ما بدأ الجيش العربي السوري بعمليته لتحريرها، بهدف اتهامه كما جرت العادة وتجديد العدوان على سورية، وذلك رغم الفجوة الإقليمية بين داعمي الإرهاب أي بين تركيا وقطر من جهة ومملكة بني سعود وإسرائيل من ناحية أخرى حيث اعترف رئيس أركان جيش الاحتلال المنتهية ولايته غادي ايزنكوت بدعم الإرهاب في سورية.
كل الكلام الأميركي وتصريحات المسؤولين في الدول التي دعمت الإرهاب ضد سورية تشير إلى أنهم يريدون ابتزاز سورية في الحل السياسي، وإبعادها عن التموضع الجيوسياسي باتجاه دول آسيوية فيما يتعلق بإعادة الإعمار والذي يعدّ واحداً من مكونات عملية السلام في سورية بعد انتهاء العدوان والقضاء على التهديد الإرهابي، إضافة إلى أن الغرب وعلى رأسه أميركا يريد للمنطقة أن تبقى بؤرة اضطراب وصراع إن أمكن لهم ذلك، للتشويش على الدور الروسي الجديد الذي أرسى نوعاً من الاستقرار في المنطقة من بوابة سورية وأعاد العالم إلى زمن تعدد الأقطاب مع لعب دور حاسم في العديد من الملفات الدولية.

منير الموسى
التاريخ: الجمعة 18-1-2019
الرقم: 16888

 

 

 

 

آخر الأخبار
واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ... بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال