في ظل استمرار أكبر أزمة سياسية تعصف بالمملكة المتحدة منذ نصف قرن, جراء الانقسام الحاصل حول اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي, لايزال موضوع «بريكست» مثار جدل في الداخل البريطاني والأوروبي على حد سواء, وسط حالة من القلق والغموض تلف المشهد السياسي برمته خشية الوصول إلى الخروج من دون اتفاق, خاصة بعد التجاذبات الأخيرة في البرلمان ورفض النواب للاتفاق وللخطة المعدلة التي طرحتها رئيسة الوزراء المأزومة تيريزا ماي, التي تسعى بدورها إلى إنقاذ خطتها بكافة السبل, بعدما تعهدت مؤخراً بإعادة فتح المباحثات مجددا مع الاتحاد الأوروبي عبر صفقة جديدة, غير أن الاتحاد شدد على أن الاتفاق غير قابل لإعادة التفاوض.
حيث عارض قادة الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي طلب السلطات البريطانية إعادة التفاوض حول اتفاق خروج المملكة المتحدة المقرر في 29 آذار, و»شبكة الأمان» التي وضعت لتفادي إقامة حدود بين إيرلندا ومقاطعة إيرلندا الشمالية.
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن اتفاق بريكست كان ولا يزال أفضل طريقة لضمان انسحاب منظم للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي, وشبكة الأمان جزء من اتفاق الانسحاب والاتفاق ليس مفتوحاً لإعادة التفاوض.
وكرر توسك حث الحكومة البريطانية على أن توضح في أقرب وقت ممكن نواياها في ما يتعلق بالخطوات القادمة, محذراً من أنه إذا تقدمت المملكة المتحدة بطلب تمديد مبرر، فإن أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ 27 سيكونون مستعدين للنظر فيه واتخاذ قرار بالإجماع.
من جهته أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن اتفاق الانسحاب هو أفضل ما يمكن, وأنه غير قابل للتفاوض, وذلك في تصريح أدلى به في نيقوسيا حيث يشارك في قمة بلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط.
ودعا ماكرون الحكومة البريطانية إلى أن تعرض على كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه الخطوات التالية التي من شأنها الحيلولة دون الخروج بدون اتفاق.
وعاد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ليؤكد أمس: إن موقفنا واضح, اتفاق الانسحاب هو الحل الأفضل والوحيد للخروج بشكل منظم.
أما وزير الخارجية الأيرلندي سايمون كوفني فأكد بأن شبكة الأمان قد تم الاتفاق عليها لتكون صك ضمان لتجنب إقامة حدود فعلية بأي حال.
وجاءت ردود الفعل الأولى للتكتلات السياسية في البرلمان الأوروبي قاسية على تيريزا ماي. وقال نواب الكتلة الاشتراكية والديمقراطية: لن نعرض اتفاق الجمعة العظيمة (للسلام في أيرلندا) أو السوق الموحدة للخطر. وأكد رئيس الكتلة الألماني أودو بولمان: لقد عملنا بشكل بناء ومسؤول للتخفيف من أوخم عواقب «بريكست», مضيفاً أن ماي لم تفعل بالمثل, بل امتثلت مجدداً للمتطرفين في حزبها وقدمت وعوداً غير واقعية بدلاً من أن تتحلى بدور القائد الحقيقي.
من جانبهم أكد قادة الأحزاب البيئية من أيرلندا وأيرلندا الشمالية أن الأولوية المطلقة يجب أن تعطى للحفاظ على السلام في إيرلندا وفقاً لاتفاق الجمعة العظيمة ونحث المفاوضين على توخي الحذر لعدم تقويض هذا الاتفاق.
وكان النواب البريطانيون رفضوا تعديلاً يوصي الحكومة بالسعي إلى تأجيل موعد الانسحاب، واستبعاد خروج لندن من الاتحاد من دون اتفاق, كما أن التعديل المرفوض يمنع الحكومة من إخراج إسكتلندا من الاتحاد الأوروبي ضد إرادتها.
وصوت 327 نائباً ضد التعديل، مقابل 39 صوتاً لمصلحته.
وكالات – الثورة
التاريخ: الخميس 31-1-2019
رقم العدد : 16898