مع نفاد الوقت وفي ظل استمرار الضبابية التي تكتنف عملية «بريكست», لا يزال التخبط وحالة عدم الاستقرار السياسي تخيم على أجواء المملكة المتحدة, وسط حالة من الشك والارتباك لدى الشارع البريطاني الذي لا يعلم كيف ستغادر بلاده, في ظل الانقسام العميق الذي تشهده البلاد , وتزايد الأصوات المطالبة بتأجيل الاتفاق وتنظيم استفتاء ثان عليه, فيما تتزايد فيه الضغوط على رئيسة الوزراء تيريزا ماي التي تسعى بكل السبل لإنقاذ «اتفاقها» مطالبة بمنحها وقتا إضافيا للتفاوض مع بروكسل بشأن إدخال تعديلات على الاتفاق والحصول على تنازلات أكثر من الاتحاد الأوروبي لتحظى بتأييد البرلمان الذي كان رفض خطتها للانسحاب, إلا أن المحادثات مع الأوروبيين تتعثر دائما عند عقدة بند « شبكة الأمان» الخاص بالحدود الإيرلندية, ما يزيد الأمور تعقيدا وينذر بالخروج من دون التوصل إلى اتفاق, الأمر الذي يخشاه الجميع لما له من تداعيات سياسية واقتصادية خطيرة خاصة على بريطانيا في ظل التباطؤ الكبير الذي يشهده اقتصادها في الآونة الأخيرة.
حيث هبط الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا خلال الربع الأخير من العام الماضي إلى معدل فصلي بلغ 0.2 بالمئة مدفوعا بالتباطؤ الكبير الذي شهده الاقتصاد البريطاني خلال الأشهر الماضية. وذكرت رويترز أن بيانات رسمية نشرت أمس أظهرت أن الاقتصاد البريطاني تباطأ في آخر ثلاثة أشهر من العام الماضي ليسجل أضعف معدل نمو منذ عام 2012 , وبالنسبة لعام 2018 بأكمله تراجع النمو الاقتصادي في بريطانيا من 1.8 بالمئة في عام 2017 إلى 1.4بالمئة , بينما تضررت الصادرات البريطانية بسبب ضعف النمو العالمي وتنامي قلق المستهلكين والشركات في غياب خطة للانفصال البريطاني عن الاتحاد الأوروبي المقرر في 29 آذار المقبل.
وقلص بنك انكلترا الأسبوع الماضي توقعات النمو للعام الجاري بواقع 0.5 نقطة مئوية إلى 1.2 بالمئة, وهو ما سيجعله أضعف عام منذ الكساد الاقتصادي في عام 2009.
إلى ذلك أظهرت دراسة بريطانية نشرت نتائجها أمس أن استفتاء انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016 دفع الشركات البريطانية إلى زيادة كبيرة في الاستثمارات بدول الاتحاد على حساب الانفاق في الداخل.
وذكرت وكالة رويترز أن الدراسة التي أجراها باحثون في مركز لندن للأداء الاقتصادي بكلية لندن للاقتصاد كشفت أن الاستفتاء أدى إلى زيادة صفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 12 بالمئة في الفترة بين منتصف عام 2016 ولغاية أيلول 2018 , مضيفة أن ذلك ترجم إلى زيادة بنحو 8.3 مليارات جنيه استرليني تركزت بالكامل تقريبا في قطاع الخدمات .
وفي المقابل أشارت الدراسة إلى انخفاض بنسبة 11 بالمئة في صفقات الاستثمار من الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا بما تبلغ قيمته نحو 3.5 مليارات جنيه استرليني .
وقال توماس سامبسون أحد المشاركين في الدراسة أن البيانات تظهر أن الخروج البريطاني جعل المملكة المتحدة أقل جذبا للاستثمار.
وكالات – الثورة :
التاريخ: الثلاثاء 12-2-2019
الرقم: 16907