على جناح حكاية

ذات يوم بجلسة مع شاعرنا الراحل الكبير سليمان العيسى، وعلى خجل قلت له: أستاذي الغالي: ابني يتمنى أن يراك، هل أستطيع أن أصطحبه معي؟ نظر إلي وكأنه معاتب: قضيت شطر عمري، أكتب للأطفال، وهم الحلم الباقي، وهل يحتاج الأمر إلى استئذان مني؟
نعم يحتاج … ، لا، متى أراد ومن معه أهلاً وسهلاً، وكان يوماً ربيعياً، بصحبتي ابني ومعه زميلتان أخبرت شاعرنا أننا قريبون من بيته في مشروع دمر، حين ولجنا الحديقة الجميلة المحيطة بالبيت، وكانت أشجارها السامقة تفيء بظلالها، فهذا الرمح الأخضر شجرة السرو التي كتب عنها قصيدة شاعرنا، ونشرتها صحيفة الثورة بخط يده، وتلك شجرة أخرى أطلق عليها اسماً آخر.. بين البوابة ومدخل البناء مسافة ربما هي عشرون متراً، نحن مشغولون بجمال المكان، وعلى عتبة البناء، كان الشاعر يقف مبتسماً أسأله: بعد التحية، هل تأخرنا عليك، وأنت خارج إلى مكان ما ؟ يبتسم :لا، نزلت لأرحب بأصدقائي الصغار !!!
وكان من عادة الشاعر الكبير، حين نزوره أن يقف على عتبة بيته مرحباً بمن يأتي، هؤلاء النهر القادم للحياة، يقف على عتبة البناء مرحبا بهم، ومعانقاً إياهم، مضت ساعات وهو يحدثهم، لا أدري كيف مضى الوقت، ونحن في حضرة الأمل، عاد طيف هذا اللقاء الأخضر أمس حين كنت أشعر بشيء من التعب والتوتر والقلق، وفجأة تهل علي (المريمان ) جدو: نريد حكايا، لا: جدو، تابعاً التلفاز، لا، نريد أن تحكي لنا قصة لم تحكها لنا، اخترع حكاية و أبدأ نسج أحداثها، أحاول أن أكون قاصاً ماهراً تشترك الصغيرتان بنسج الخيوط، نكسر سطوة التلفاز،أشعر أن ثمة نبضاً يكسر هذا اليباس !!
وأسال نفسي: لماذا نأخذ بما قاله أحد أهم علماء القرن العشرين: علموا أولادكم الحكايا قصوا لهم الكثير منها، نّموا الخيال كونوا معهم، علموهم، تعلموا منهم، هل تذكرون أن مخترع أو مبتكر السماعة الطبية كما تنقل أحد المصادر أنه كان يمر بمكان قريب من عيادته، رأى أطفالاً يصنعون أنابيب ورقية ويتبادلون وضعها على صدورهم، توقف وسألهم عن الأمر، رد عليه أحدهم: جرب الأمر، جرب الطبيب فإذا به يسمع نبضات القلب، وكانت السماعة الطبية التي نراها اليوم.
الطفولة، ليست عبثاً، ولا شغباً، بل العقل المنفتح خيالاً، وكم من حدث كنا نظنه خيالاً طفولياً، لكنه صار حقيقة واقعة وإنجازاً علمياً، اليوم ونحن نعبر مآسي حياتنا، مشغولون بكل آلامنا وحياتنا، نسينا أطفالنا، يومنا عمرنا نسغنا، نظن أننا نعد لهم مستقبلاً آمنا بما نعمل على تأمينه، ونسينا أنهم هم المستقبل، لنعمل معهم ولهم، هل نذكر بعالم الاجتماع الغربي الذي زار إحدى الدول العربية وطلب أن يرى ملاعب الأطفال فقاده المضيف إلى مقبرة قريبة حيث يجتمع الفتية ومن دونهم عمراً …
صحيح تغير الأمر كثيراً، لكن ثمة من يتاجر بالطفولة ورياضها، وجعلها مقابر الأيام والأحلام، هل يعقل أن يكون الربح المادي الغاية والهدف، هل يعقل ألاّ يكون في سورية مطبوعات للطفولة إلا ما تصدره وزارة الثقافة مشكورة، هل يعقل أن الصحافة الورقية سابقاً كانت تخصص صفحات للطفولة، واليوم ..؟ هل نكمل يوماً ما ؟ قد يكون، فلنعبر آلامنا على جناح حكاية، جربوا لن تخسروا.
معاً على الطريق
ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 15-2-2019
رقم العدد : 16910

آخر الأخبار
تقرير مدلس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين "إيغور" إلى الصين محافظ السويداء يؤكد أنه لا صحة للشائعات المثيرة لقلق الأهالي  بدورته التاسعة عشرة.. سوريا تشارك في معرض دبي للطيران أحداث الساحل والسويداء أمام القضاء.. المحاكمات العلنية ترسم ملامح العدالة السورية الجديدة وزمن القمع... الاقتصاد في مواجهة "اختبار حقيقي" سوريا وقطر.. شراكة جديدة في مكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الرقابة كمدخل للتنمية.. كيف تستفيد دم... إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟ منشآت صناعية "تحت الضغط" بعد ارتفاع التكاليف وفد روسي ضخم في دمشق.. قراءة في التحول الاستراتيجي للعلاقات السورية–الروسية وزير الخارجية الشيباني: سوريا لن تكون مصدر تهديد للصين زيارة الشرع إلى المركزي.. تطوير القطاع المصرفي ركيزة للنمو المؤتمر الدولي للعلاج الفيزيائي "نُحرّك الحياة من جديد" بحمص مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية الطب البشري بعد التحرير خطة إصلاحية في "تربية درعا" بمشاركة سوريا.. ورشة إقليمية لتعزيز تقدير المخاطر الزلزالية في الجزائر    السعودية تسلّم سوريا أوّل شحنة من المنحة النفطية تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟ سوريا تشارك في القاهرة بمناقشات عربية لتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية جمعية أمراض الهضم: نقص التجهيزات يعوق تحسين الخدمة الطبية هيئة التخطيط وصندوق السكان.. نحو منظومة بيانات متكاملة