يتساءل الباحث الاقتصادي الأمريكي بول كريغ روبرتس (مستشار مالي سابق للرئيس ريغان) في مقال كتبه على موقعه يقول فيه: أليس هناك غموض وشبهات حول اختلاق أزمة انسانية في فنزويلا ؟ إنها خديعة لإخفاء الأزمات الحقيقية في اليمن وغزة ألا تجدون معي أن الأمور وصلت حقيقة حد الانحطاط عندما لا يثير تقرير خبير الأمم المتحدة الفريد موريس دوزاياس لتقييم الوضع في فنزويلا أي اهتمام اعلامي أو حكومي في الغرب؟ ألا تجدون أن العم سام قد تجاوز كل الحدود عندما يختلس 21 مليار دولار لفنزويلا حين يفرض عليها عقوبات لزعزعة استقرارها ويعمل على اخضاع حكومتها عندما يتهم الاشتراكية الفنزويلية ( بشكل رئيسي تأميم شركة البترول ) وعندما يقترح مساعدة انسانية مضحكة ومثيرة للسخرية؟ يبدو أنه لا توجد صحافة مكتوبة أو تلفزيون في بلاد العم سام لذا علينا استدعاء وسائل اعلام مستقلة من الانترنت -موقعنا مثلاً- لتؤدي المهمة الغائبة للصحافة النزيهة وبالنسبة للجوع والأزمة الانسانية التي ذاع صيتها عن فنزويلا ها هو الخبير دوزاياس يقول: التقارير في كانون الأول عام 2017 وآذار 2018 الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة (الفاو) تقدم لائحة لسبع وعشرين دولة من التي تجتاحها الأزمات المتعلقة بالغذاء لا يظهر فيها اسم فنزويلا أبداً فالأزمة في فنزويلا لا يمكن مقارنتها بالأزمات الانسانية في اليمن وليبيا وسورية والعراق وهايتي ومالي أو في جمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان والصومال أو ميانمار وغيرها وفي الفقرة 37 من تقرير دوزاياس نقرأ : إن العقوبات والحصار الاقتصادي الحاصل اليوم يماثل حالات الحصار على المدن التي كانت تحصل في القرون الوسطى لإجبارها على الاستسلام وما يحصل في القرن الواحد والعشرين ليس فقط لتركيع المدن بل لدمار دول ذات سيادة والفارق في هذا العصر أن العقوبات يصاحبها بل يسبقها خداع الرأي العام بواسطة اعلام مضلل وبيانات كاذبة عن حقوق الانسان حتى يتمكنوا من خلق انطباع لدى الناس بأن هذه الأسباب تبرر استخدام تلك الوسائل الاجرامية.
في العالم الحالي لايوجد فقط نظام قانون عالمي أفقي يحكم بحسب ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ المساواة إنما هناك نظام عالمي شاقولي يعكس أو يعبر عن تراتب جيوسياسي عالمي فهذا النظام الذي يربط الدول المسيطرة مع باقي أنحاء العالم ينتمي الى القوى العسكرية والاقتصادية وهذا النظام الجيوسياسي الذي مازال حتى الآن يفلت من العقاب يعكف على اللصوصية الجيوسياسية.
دوزاياس يعبر عن قلقه من درجة الاستقطاب المزدوج والتضليل الاعلامي الذي تتم فبركته والادعاءات حول فنزويلا حيث يقول: هذه الحملة الاعلامية مقلقة تسعى لخلق فكرة مسبقة لدى المراقب بأن أزمة انسانية تجتاح جمهورية فنزويلا وعلى كل خبير مستقل أن يتوخى الحذر من المبالغات وأن يحفظ في ذهنه بأن «أزمة انسانية» هي تعبير تقني يمكن تحويله لاستخدامه حجة من أجل تدخل عسكري.
ويتابع روبرتس : وللتقليل من اعتبار الحكومات المنتخبة يجري تضخيم البروباغندا عن عدم احترام حقوق الانسان في هذه البلدان لجعل الشعوب تقبل الانقلاب على الحكومات بالقوة أي يتم استخدام حقوق الانسان كسلاح ضد الخصم ، لقد تمت محاصرة أي حل سياسي للمشكلة الفنزويلية لأن عدداً من البلدان وعلى رأسها الولايات المتحدة ترفض أي مخرج سلمي للنزاع الفنزويلي وتفضل تمديد مدة معاناة الشعب أملاً منها أن يسوء الوضع ويتحول الى أزمة انسانية وذلك لفتح الطريق الى تدخل عسكري يفرض تغيير النظام.
ما تقوم به واشنطن ضد فنزويلا هو انتهاك للقانون الدولي الذي ينص على عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية ذات السيادة كما يروي دوزاياس أن جواً من الترهيب رافقه خلال مهمته وكان الهدف من ذلك إرغامه على الدخول في اللعبة السياسية المحددة سلفاً والمحتومة كما تلقى رسائل من منظمات تمولها الولايات المتحدة تطلب منه أن لا يتصرف من تلقاء نفسه كما أملت عليه التقرير الذي سيكتبه وقبل وصوله الى فنزويلا نظمت ضده حملة بروباغندا على فيسبوك وتويتر تشكك في نزاهته وتتهمه بالتحيز.
إن العقوبات والتلاعب النقدي لواشنطن في هذا المضمار يشكل جرائم جيوسياسية وقد طالب السيد دوزاياس بأن يتم التعويض لضحايا العقوبات ويعهد الى محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق حول الاجراءات القمعية التي اتخذتها الولايات المتحدة ، اجراءات وعقوبات قد تؤدي الى موت الناس جراء نقص الأدوية والغذاء ويعتقد دوزاياس أن تقريره أهمل ولاقى ازدراءً لأنه تصدى لأقاويل وجهت للشعب الفنزويلي بضرورة تغيير النظام.
الجميع يعلم كم هي غنية فنزويلا بموارد البترول والذهب والبوكسيت ومع بقاء حكومة مادورو لن تستطيع الشركات المتعددة الجنسيات وأولها الأمريكية أن تستفيد من هذه الموارد بل ستبقى محرومة من استغلالها وسرقتها.
ترجمة مها محفوض محمد
عن موقع فالميه
التاريخ: الأربعاء 13-3-2019
رقم العدد : 16930