تقع قرية الباغوز على الضفاف الشرقية لنهر الفرات وتتبع لناحية سوسة في منطقة البوكمال من محافظة دير الزور في شرق سورية، وتطوق القوات الأميركية المحتلة البلدة من جهتي الشمال والغرب، فيما تتواجد قوات الجيش العربي السوري جنوبا على الضفة الغربية للفرات، والقوات العراقية شرقاً على الجهة المقابلة من الحدود.
يواصل التحالف الدولي الذي ينضوي تحت القيادة الأميركية غاراته على بلدة الباغوز الأمر الذي أدى إلى سقوط أكثر من 50 مدنيا أغلبهم نساء وأطفال وقد جاءت تلك العملية بعد أيام قليلة من سقوط قتلى معظمهم من النساء والأطفال ووقوع دمار في ممتلكات الأهالي ومنازلهم بغارات استخدمت فيها قنابل الفوسفور الأبيض المحرمة دوليا بذريعة محاربة إرهابيي «داعش»، لكن استهداف المدنيين من قبل طيران التحالف ليس الأول من نوعه في العمليات داخل هذه المناطق، بل عمد طيران التحالف إلى تنفيذ 20 غارة جوية كان آخرها استهداف هذه البلدة بوابل من الصواريخ مساء الاثنين واندلعت النيران بداخلها، لكن القصف توقف صباح الثلاثاء.
وبدأت ميليشيا قسد التي تلقى دعم القوات الأميركية باقتحام هذه القرية منذ أيلول الفائت، وهناك أدلة على استخدام ذخيرة الفوسفور الأبيض ضد السكان المحليين، وقد جهز مسلحو داعش دفاعاتهم هندسيا بشكل جيد، فأنشؤوا شبكة موثوقة من التحصينات، وحفروا أنفاقا تحت الأرض، تسمح لمقاتلي التنظيم بمناورات فاعلة، بما في ذلك التسلل إلى خطوط العدو الخلفية، كما زرعوا الأرض بشكل كثيف بالألغام، مستخدمين بشكل فعال انتحاريين يوجهون بالهواتف النقالة.
وقد أعلنت قيادة الميليشيا الانفصالية مرارا أن ممثلي قيادة تنظيم داعش، في منطقة العمليات الحربية، يختبئون في أماكن مجهولة ويديرون مرؤوسيهم عن بعد. هذا يعني أن المسلحين المحاصرين في الباغوز لديهم اتصال موثوق بالعالم الخارجي. وربما لديهم طرق للانتشار والإمداد.
وتحاصر ميليشيا قسد منذ أسابيع وبدعم من التحالف الدولي قرية الباغوز. وعلى وقع العمليات العسكرية، خرج العديد من الأهالي من البقعة المحاصرة، وما يزال البعض منهم يواجهون الموت نتيجة تذرع واشنطن بوجود داعش في البلدة، لكن تدميرها وقتل من فيها لا يعني بالضرورة نهاية التنظيم الذي يحاول الأميركيون الترويج لانتهاء معركتهم المزعومة معه، حيث تمكن التنظيم خلال السنوات الماضية بتواطؤ من التحالف الدولي من التغلب على الكثير من الظروف المحيطة به والاستمرار متجاوزا الملاحقات الامنية والانتكاسات العسكرية التي مني بها في العراق وسورية وإعادة بناء نفسه, والتمدد نحو أراضي جديدة كلما سنحت له الفرصة.
ولذا فإن اي مقاربة لأوضاع التنظيم المستجدة بعد انتهاء معركة الباغوز على الحدود السورية العراقية وفي ريف ديرالزور الشرقي لابد من أن تلحظ أنه ما يزال يمتلك قدرات مالية وحلفاء راغبين وقادرين على مساعدته فضلا على انه ترك قاعدة فكرية وخلايا نائمة.
لاشك ان التنظيمات المتطرفة وبينها داعش استفادت كثيرا من الأوضاع المستجدة في المنطقة بعد 2011 لكن اختلاف الظروف بين 2011 و2019 سيكون مؤثرا بلا شك على داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة التي اصبح معظمها محاربا محليا واقليميا ودوليا مع وجود اتفاق من قبل معظم الأطراف باستثناء الجهات التي تتذرع به على انهاء هذه الحالات المتوحشة وهنا يقع على عاتق المجتمع الدولي التنبه الى خطورة هذه التنظيمات الإرهابية التي لم ولن تنحصر في مناطق وجودها بل ستضرب في كل مكان تستطيع الوصول اليه، ولن يكون هناك أحد في مأمن من شرورها وعنفها، وضمن واقع عربي مترد نشهد فيه الكثير من النزاعات والازمات والحروب، سيكون من الصعب وضع حد لمثل هذه التنظيمات، ولا سيما أن العديد من الجهات والأطراف الدولية تستثمر فيها لفرض تدخلها وهيمنتها تحت عنوان مكافحة الارهاب.
ليندا سكوتي
التاريخ: الأربعاء 13-3-2019
رقم العدد : 16930