من أصعب مفرزات الحرب الأضرار النفسية الناتجة عنها وخصوصاً لدى الأطفال، حيث إننا سنبقى سنوات وسنوات نرمم ما دمرته الحرب ونعيد بناء النفوس والأخلاق بما أن الحروب كانت دائما خالية من الأخلاق، سنقف اليوم أمام محاضرة قيمة للباحث المهندس (دريد شدود) تحت عنوان (أطفال الحرب آلام لا يمحوها الزمن) تناول فيها العديد من الدراسات وتأثير الحرب الكونية على سورية وعلى أطفالنا والاضطرابات النفسية التي سببتها هذه الحروب.
وقد بيَّن أن الكثير من الاضطرابات التي يعاني منها أطفالنا مؤخراً ناتجة عن الانتهاكات والممارسات الجائرة بحق أطفال سورية من قتل وخطف وتجارة أعضاء وتهجير وتجنيد.
بالإضافة إلى الأعمال الإرهابية التي طالت أماكن تجمعهم في المدارس والحدائق العامة، حيث إن قسماً كبيراً من هؤلاء الأطفال شاهد أو سمع عن هذه الممارسات العنيفة والتي انعكست عليهم سلباً وسببت لهم صدمة لبشاعة ما حدث..
تحدث الباحث عن غياب الرقابة الإعلامية على مشهد الدم والقتل والجثث التي تعرض على شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، وانعكاس هذه المشاهد على البنية السيكولوجية للطفل، ولا ننسى غياب الدور الأسري بمراقبة البرامج والمشاهد التي يتابعها الأبناء عبر وسائل العرض المختلفة.
وأتى على ذكر أهم الأعراض التي تصيب الطفل بعد تعرضه لصدمات متتالية وحالات رعب متكررة، كالتي تحدث في بيئة الحرب، حيث أكد أن الطفل في هذه الحالة يعاني من أعراض ما بعد الصدمة والتي تتجلى بتوتر الطفل وخوفه الدائم، وقيام ذاكرته باسترجاع الصور العنيفة التي تعرض لها فتتحول داخل خياله إلى كوابيس من أفكار مخيفة معاشة ليل نهار، الأمر الذي يجعل الطفل يفقد عادته المكتسبة وتعود إلى ممارسة سلوكيات خاطئة مثل: مطالبته بالعودة للنوم بجانب أهله وخوفه من الأماكن المظلمة..
وأضاف الباحث شدود: إن أحد أهم أسباب تأخر النطق عند الأطفال وظهور عيوب النطق مثل: اللدغ والتأتأة وهو تعرض الطفل لضغط نفسي شديد في حالة الهلع والخوف التي يعيش فيها والتفكير بها بشكل مستمر…
وأجرى الباحث ربطاً بين ارتفاع نسبة اضطراب التوحد عند الأطفال وظروف الحرب المفروضة وتراجع الصحة النفسية عند الأمهات الحوامل حيث أكد أن هذه النسبة ترتفع في بيئة الحرب إلى ما يعادل 1/160.
بالإضافة إلى ظهور اضطرابات أخرى مثل ابراكاسيا الطفولة وتراجع المقدرة التخزينية للمعلومات وارتفاع حالة العنف والعدوانية لدى الأطفال..
وأشار إلى ضرورة تفعيل حصص الدعم النفسي في مدارسنا مثل حصص الرسم والرياضة والموسيقا من خلال رفع عدد الحصص المدرسية الأسبوعية لهذه المواد.
وضرورة إدخال مادة المسرح ضمن خطة المناهج في سورية وتفعيل فكرة المسرح الجوال على المدارس، لما لهذه الأساليب من دور مهم في إعادة الطمأنينة والاستقرار إلى حياة الطفل ومساعدته على الخروج من أزماته التي يعيش فيها، وضرورة وضع آليات وخطط علمية تهتم بإعادة إعمار الفكر لدى جيل الطفولة في سورية.
وفي نهاية المحاضرة أهدى قصيدة شعرية لجميع أطفال سورية بعنوان (أطفال الحرب آلام لا يمحوها الزمن).
سلوى الديب
الجمعة 5-4-2019
الرقم: 16949