بخلاف ما اعتاد عليه جمهور الثقافة والأدب في حلب من أمسيات شعرية وقصصية استضاف مسرح الفنان عمر حجو في المركز الثقافي العربي في العزيزية بحلب فعاليات الندوة الأدبية التي أقامتها مديرية الثقافة تحت عنوان «الشعرية في المنجز الأدبي قديمه وحديثه» بمشاركة الشاعر محمد بشير دحدوح والشاعر ومدير دار الكتب الوطنية محمد حجازي في إدارة الحوار..
وأوضح المشاركون في الندوة أن المنجز الأدبي لايتم الحكم عليه على أنه قديم أو حديث إلا بتاريخيته أوتاريخ إنجازه, ولاعلاقة لهذا بالقيمة الإبداعية فربَّ منجز ماض قديم يكون حديثاً يحمل جدته كقيمة جمالية مستمرة, والعكس صحيح, وتكون العبرة باختزانه قيم الجمالي المتحرك مع سيرورة الزمان والمكان.
وخلال الندوة تم تعريف المنجز الأدبي على أنه كلام مكتوب أو مسموع وفق نظام لغوي مضبوط يعبر عما يريده المبدع, وإنما يحسن ويبلغ الإبداع حينما يحسن الكاتب نظمه مستعيناً بالنحو والصرف والبلاغة بعلومها « البيان والمعاني والبديع « وأن كل منجز إنما يصنف ويجنّس بناء على أساس يميزه ويمنحه مسماه كالأحداث والحوار والموسيقا, وأن الإبداع الجمالي سلم ارتقاء من المعجمية إلى الوظيفية إلى الدلالية وصولاً إلى معنى المعنى.
ثم انتقل المشاركون إلى تعريف وشرح نظرية النظم عند الجرجاني ونظرية عمود الشعر عند المرزوقي, وبقية علماء اللغة من الجاحظ وابن قتيبة والجرجاني والآمدي وابن طباطبا, وغيرهم, وقد تم استخلاص تعريف النظم بأنه: «قدرة الشاعر أو الكاتب أو الأديب على التوفيق بين اللفظ والمعنى وقدرته على الاستشفاف والخلق ومواءمتها للمعاني الماورائية وترتيبها بأسلوب بلاغي متين وأن النظم ليس حكراً على الشعر وحده ولكنه مطلوب وممدوح في الأجناس الأدبية كافة, وبالتالي فهي محل مدح وتبجيل وليس محل اتهام وتقليل شأن وغير ذلك مما قد يطرحه آخرون…».
وعن الشعر والشعرية تحدث المشاركون عن الشعر وارتباطه الأساس بالموسيقا تجنيساً وتسمية, واستخلصوا عناصر الشعرية الواجبة في الشعر والممدوحة فيما سواه وهي الفكرة والعاطفة والخيال والأسلوب والنظم كاختصار لعناصر متعددة ومتمايزة فيما بين النقاد العرب
وبين المشاركون آراءهم ووجهات نظرهم في المصطلحات التالية: الوضوح والغموض والكلاسيكية وأنها النموذج المثال الذي يحتفظ بقيمة إبداعية جمالية باقية ومستمرة وليست التقليدية أو الإتباعية, كما تحدثوا عن الصدق والكذب الإبداعي, وعن الأصالة والحداثة, وأن الأصالة معنى في العراقة والجودة والإحكام والابتكار في الأسلوب وليست التوقف عند القديم وعدم تجاوزه كما يتوهم آخرون, وعن الفرق بينها وبين الحداثة التي تعني إجمالا هدم البنى القديمة وإنشاء أشكال جديدة, حيث بين المشاركون مواقفهم من ذلك باعتماد الأصالة وترجيحها بدلاً من التمترس في موقع تقليد القديم أو الانتقال الضدي إلى هدمه والانقطاع عنه وعن خلط الأجناس الأدبية والموسيقا الخارجية والداخلية, حيث أوضحوا بطلان دعوى الموسيقا الداخلية انطلاقاً من تعريف الموسيقا بأنها مكونة أصلاً من مجموع أصوات وسكتات في نظام نغمي مبين ومحدد خلال فترات زمنية محددة, وهي بذلك مصدر خارجي لا يمكن أن يكون داخلياً إلا على سبيل طلب المجاز غير المقبول, مؤكدين على أهمية الموسيقا و أساسيتها في الشعر العربي.
وختم المشاركون الندوة بإيراد الشواهد المناسبة المؤيدة لشرحهم لمعاني العناصر الشعرية وخصوصيتها, وذلك في آي كتاب الله والأحاديث والأقوال المأثورة والشعر قديمه وحديثه.
فؤاد العجيلي
التاريخ: الثلاثاء 9-4-2019
رقم العدد : 16952
السابق