من رغيف الخبز إلى إحراق البلاد!

 

من القضارف إلى عطبرة وصولاً إلى الخرطوم، مطالب انتقلت من كبح الغلاء ووقف التضخم ومحاربة الفساد وإسقاط النظام إلى أعمال نهب وحرق للمرافق العامة ورموز الحكم، حيث خرج المتحدث باسم الحكومة ليقول:( إن مندسين يستغلون الوضع لتحقيق أغراض سياسية وحرف المظاهرات عن مسارها نحو التخريب).
هي تطورات تزامنت مع عودة زعيم المعارضة الصادق المهدي إلى السودان، ودعوته أمام آلاف من مؤيديه لانتقال ديمقراطي في تقاطع مع مطالبة حزب المؤتمر السوداني برحيل النظام وتشكيل حكومة تصريف أعمال.
ويأتي هذا التطور بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكم الرئيس السوداني عمر البشير الذي استمر 30 عاماً في دولة إفريقية تعداد سكانها 40 مليون نسمة.
وخرج حينها وزير الدفاع السوداني رئيس اللجنة الأمنية العليا الفريق أول عوض محمد أحمد بن عوف في بيان نقله التلفزيون السوداني الرسمي: بهدف الخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد (اتفقت اللجنة الأمنية العليا المكونة من القوات المسلحة وقوات الشرطة وقوات جهاز الأمن والمخابرات وقوات الدعم السريع على تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة الحكم لفترة انتقالية مدتها عامان، وتعطيل العمل بدستور جمهورية السودان الانتقالي لعام 2005 وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وحظر التجوال لمدة شهر من الساعة العاشرة مساءً إلى الرابعة صباحاً، وإغلاق الأجواء لمدة 24 ساعة والمداخل والمعابر في كل أنحاء السودان حتى إشعار آخر).
ودعا جهاز الأمن والمخابرات الوطني في بيان المواطنين للانتباه إلى ما اعتبرها محاولات تهدف لجرّ البلاد إلى انفلات أمني شامل، مؤكداً قدرة الأمن على لجم العناصر المنفلتة بالحسنى أو بالقوة وفق القانون في البلاد.
وفي 11 نيسان، عزل الجيش السوداني عمر البشير من الرئاسة، بعد 3 عقود من حكمه البلاد، وشكّل الجيش مجلساً عسكرياً انتقالياً، وحدد مدة حكمه بعامين، وسط محاولات للتوصل إلى تفاهم مع أحزاب وقوى المعارضة بشأن إدارة المرحلة المقبلة.
لكن اعتقال البشير لم يكفِ لإرضاء المتظاهرين الذين أطلقوا تظاهرات مناهضة للحكومة منذ كانون الأول، واعتصموا أمام مقر القيادة العامة للجيش منذ السادس من نيسان، وبينما قدم القادة العسكريون بعض التنازلات للمتظاهرين بما في ذلك إقالة النائب العام عمر أحمد محمد الثلاثاء، إلا أن المتظاهرين يخشون من أن تُسرق انتفاضتهم كمايقولون.
ويشير مسؤولون إلى أن 65 شخصاً قتلوا في أعمال عنف على صلة بالتظاهرات منذ كانون الأول، وتم تخليد بعض القتلى عبر رسوم جدارية في الخرطوم، ورغم الأجواء الاحتفالية التي شهدتها ساحات الاعتصام حيث غنّى المتظاهرون ورفعوا أعلام بلدهم، إلا أن التوتر ساد في الأيام الأخيرة في ظلّ مخاوف من محاولة محتملة للجيش لفض الاعتصام بالقوة.
ومع توليه السلطة الخميس، أعلن الجيش أن مجلساً عسكرياً انتقالياً سيدير شؤون البلاد لمدة عامين، ما أثار انتقادات فوراً من قادة الحركة الاحتجاجية الذين عرضوا سلسلة من المطالب، وبعد يوم فقط، استقال وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض بن عوف من منصب رئيس المجلس، ما قوبل باحتفالات في شوارع الخرطوم.
وأشرف رئيس المجلس العسكري الذي خلفه الفريق الركن عبد الفتاح البرهان على محادثات جرت مع الأحزاب السياسية نهاية الأسبوع الماضي دون أن تحرز أيّ تقدم، وأكدت وزارة الخارجية السودانية أن البرهان(تعهد إقامة حكومة مدنية بالكامل)، داعية الدول الأخرى لدعم المجلس العسكري.
وأرسل المجلس العسكري موفداً إلى مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، إلا أن التكتل الإقليمي هدد بتعليق عضوية السودان ما لم يتم تسليم السلطة إلى المدنيين، وأمهل الاتحاد المكوّن من 55 بلداً المجلس العسكري 15 يوماً فقط لتسليم السلطة للمدنيين، بينما عيّنت الأمم المتحدة مبعوثاً جديداً للعمل مع الاتحاد الإفريقي من أجل إيجاد حل للأزمة.
وألقت كل من السعودية والإمارات بثقلها خلف الجيش السوداني، الذي يشارك جنوده في التحالف الذي تقوده الرياض وتلعب أبوظبي دوراً محورياً فيه في الحرب على اليمن.
يرى محللون أن الاحتجاج على السياسات الاقتصادية أو على الأحوال المعيشية أمر متوقع، لكن ما لم يكن متوقعاً هو أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى مظاهر عنف وإتلاف وإحراق للممتلكات العامة والخاصة، وإزهاق أرواح جراء هذه المظاهرات.
الحكومة السودانية أعلنت في بيان لها أن التظاهر السلمي حق دستوري لكنها ستحسم أي فوضى.
هناك تقاطع بين الاحتجاجات السلمية التي يضمن فيها حق التعبير وبين استغلال هذه الاحتجاجات للإضرار بمصالح المواطنين.
نتساءل ما هو السبب وراء تحرك هذه الاحتجاجات ضد الحكومة السودانية، هل بالفعل هو تردي الأوضاع الاقتصادية، أم إنها دوافع ومآرب سياسة أخرى؟
ما يحدث اليوم في السودان، مقلق جداً، فالسودان يعاني منذ زمن، فجنوبه منفصل وشماله مضطرب، ودارفور يغلي وكأنه بدأ صرخات مخاض بانتظار سودان جديد قد تتّضح ملامحه في القادم من الأيام.
زينب العيسى

التاريخ: الخميس 18-4-2019
رقم العدد : 16960

آخر الأخبار
معسكرات تدريبية مجانية للنشر العلمي الخارجي بجامعة دمشق "كايزن".. نحو تحسين مستمر في بيئة العمل السورية نحو اقتصاد سوري جديد.. رؤية عملية للنهوض من بوابة الانفتاح والاستثمار بناء اقتصاد قوي يتطلب جهداً جم... اليابان تدرس.. ونائب أمريكي: يجب تعزيز التحالف مع سوريا استطلاع (الثورة) للشارع السوري في فرنسا حول رفع العقوبات مسابقة الخطلاء للشعر النبطي تخصص لسورية صيدلية مناوبة واحدة في مدينة طرطوس والنقابة توضح حذف الأصفار من العملة.. ضرورة أم مخاطرة؟! تأخر في استلام أسطوانة الغاز بدرعا مرسوم رئاسي بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية نقل مواقف الباصات لجسر الوزان .. بين الحل المروري والعبء الاقتصادي مرسوم رئاسي بتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين قوافل حجاج بيت الله الحرام تبدأ الانطلاق من مطار دمشق الدولي إلى جدة مرسوم رئاسي حول الهيئة العامة للتخطيط والتعاون الدولي "السورية للمخابز": تخصيص منافذ بيع للنساء وكبار السن  د. حيدر لـ"الثورة": زيادة "النقد" مرتبط بدوران عجلة الاقتصاد  وفد صناعي أردني  و٢٥ شركة في معرض "بيلدكس" وتفاؤل بحركة التجارة نوافذ التفاؤل بأيدينا...    د .البيطار لـ"الثورة": الدولة ضمانة الجميع وبوابة النهوض بالمجتمع  "الاختلاف" ثقافة إيجابية.. لماذا يتحول إلى قطيعة وعداء؟ الأمم المتحدة تكرر رفضها لخطة المساعدات الإسرائيلية الأمريكية لغزة