اليوم وبعد خروج الأرقام الإحصائية للعلن ومعاودة نشر المجموعة الإحصائية للكثير من الملفات والموضوعات التي كانت تبحث عن إجابة خلال السنوات الماضية، بات بإمكان الكثيرين الاستفادة والإطلاع على تلك الأرقام، وبناء الكثير من المعطيات عليها، فأساس التنمية اقتصاد والرقم أساس كل عملية اقتصادية، ومع ذلك فإن هذه الثقافة لم تكن موجودة، ثقافة الرقم الإحصائي الذي يمكن الاعتماد عليه حينما يقرر أصحاب الشأن اتخاذ القرارات الاقتصادية التي تمس عمق حياة المواطنين.
إلا أن العديد من التساؤلات والاستفسارات ما زالت في أذهان العديد من الباحثين في المجال الإحصائي وحتى من المواطنين العاديين حول دقة تلك الأرقام في ظل ظروف الحرب، لكن يبقى أن نشير إلى أن مجرد صدور تلك البيانات والأرقام للأعوام الثلاثة الماضية ونشرها كان حافزاً للمكتب المركزي للإحصاء لمنهجية عمل جديدة ناهيك عن إتاحة تلك الأرقام للباحثين والمهتمين بشكل رسمي بعيداً عن الأرقام التي كنا نقرؤها في كثير من الأبحاث التي اعتمدت على بيانات لمنظمات وهيئات دولية بعيدة كل البعد عن الواقع الحقيقي.
لا شك أن العديد من المسوحات التي أجراها المكتب المركزي مؤخراً ولا سيما المسح الديموغرافي ينم عن آلية عمل جديدة للمرحلة المقبلة مبنية على (داتا) إحصائية دقيقة ستؤدي بالضرورة لنتائج إيجابية لها دلالات اقتصادية واجتماعية سيبني عليها خططاً تنموية سليمة لمرحلة إعادة الإعمار التي بدأت في بعض القطاعات.
ويبقى أن نقول إننا بحاجة لمراجعة دقيقة لواقع عمل المكتب المركزي للإحصاء لناحية الكوادر والخبرات والإشكاليات التي تعترض عمله للوصول إلى أرقام حقيقية وشفافة أو لنقل أقرب إلى الواقع، وهذا يتطلب دعماً مادياً ومعنوياً حكومياً لإعادة إقلاعه من جديد.
لذلك فإن القيام بأي مسح قادم لابد أن يكون وفق أحدث الأساليب العلمية، وما يفرضه الواقع السوري والذي سيفرز حتماً نتائج تتيح للجهات المعنية، معطيات صحيحة وواضحة تبني عليها إجراءات وقرارات يفترض أن تسهم في تحسين الوضع المعيشي لذلك يعول المختصون وأصحاب الشأن الكثير على ما سينتج عن أي مسح وخاصة ما يتصل بالأسرة السورية والصعوبات التي تعترض معيشتها اليومية وأمنها الغذائي.
وتزداد أهمية أي مسح في حال تم بشكل منطقي الوصول لتأسيس نظام رصد دائم يقدم كل المعلومات التفصيلية بأي إدارة أو قطاع، ونخص بالذكر هنا الأرقام المتعلقة بمعدلات النمو والناتج المحلي والتي لا يمكن أن نعلن أرقاماً دقيقة عنها إذا لم تكن مبنية على (داتا) إحصائية دقيقة عن أداء القطاعات الاقتصادية المحلية جميعها ولا يمكن أيضاً توقع نتائج إيجابية ما لم يكن عند صناع القرار بيانات تفيدهم بحيثيات الأداء السابق.
باختصار الرقم الإحصائي سيساعد على وضع خطط أكثر واقعية وملائمة لحاجات المواطنين وللحاجات الوطنية، خاصة أننا نفتقد إلى تلك الأرقام الدقيقة والتي سيبنى عليها وضع استراتيجيات إعادة الإعمار على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
دمشق – ميساء العلي:
التاريخ: الثلاثاء 23-4-2019
الرقم: 16962