تقتات على الحروب، وتعيش منها، تنثر بذورها أينما رأت أن المصلحة تقتضي ذلك، ربما تنتظر عاماً أو عقداً من الزمن ريثما تعمل على تخصيب ما نثرته وبذرته من الشر وواقع الحال والمعطيات يحدد ذلك، هذا عهد العالم بالولايات المتحدة الأميركية التي نصبت نفسها قاضياً ومشرعاً للكون كله.
قاض غير نزيه، ولايعرف من أبجديات القانون الدولي ومن معنى العدالة، إلا ما يزيد رصيده من الثروات التي يجب أن تصب في خزائنه، والمصدر الأساس لها, الحروب التي يجب أن تبقى مشتعلة ليتدخل السيد الأميركي ويعمل وفق ما تقتضيه مصلحته، لا كما يجب أن يكون الحل العادل والسلمي, لو نظرنا في الخريطة الدولية وتمعنا فيها وبحثنا عن مواقع الحروب، لرأينا أن الأصبع الاميركية موجودة، توقدها في أميركا اللاتينية, وتضرمها مع العصابات الإرهابية في سورية، وتتحرش بالصين، تعاقب روسيا، والسؤال الذي يطرح نفسه : من بقي من دول العالم لم تستعدِه؟
ضجيج حاملات الطائرات نحو الخليج يسابق جوقة قارعي طبول الحرب، وعلى وقع تغريدات ترامب تمضي الأمور نحو تصعيد يشتد تارة ويهدأ تارة، حين يهدأ في الخليج، تعمل أدوات الإرهاب في سورية على افتعال واستحضار استخدام السلاح الكيماوي، لتتلاقى جوقة البيت الأبيض مع تبعها الأوروبيين، تبدأ المعزوفات النشاز التي صار العالم كله يعرف أنها تضليل بتضليل، ومع ذلك تمضي نحو المزيد من الضخ الإعلامي المدفوع الثمن أعرابياً، وعلى وهم أن الاعراب صاروا اصحاب قرار، يحلون ويربطون يعيشون سراب قدرتهم على عقد تحالفات، وربما يشط الخيال بهم إلى أن يتشبهوا بالناتو، وهم أعجز عن فعل أي شيء على الأرض، اللهم إلا تكديس السلاح والمزيد من الصفقات التي تستحضر لتكون بوجه الأشقاء لا غيرهم، هم فعلا في اليمن قادرون على التدمير وحصاد أرواح الأبرياء، أيضاً قادرون على مد العصابات الإرهابية في سورية بالمزيد من المال والعتاد وأدوات السفك، لكنهم وإياها عاجزون ومعهم قوى الاستكبار العالمي عن تحقيق أي هدف من أهدافهم العدوانية، صحيح أن المعركة قد تكون طويلة ايضاً، وأن جوقة الطبول تمضي نحو المزيد من النشاز، لكن الأكثر صحة أن السوريين،هم سادة الميدان وصناع النصر، وهم من سيعزف أنشودة النصر وقرع طبوله، لا طبول الموت والدمار؟
كتب ديب علي حسن
التاريخ: الثلاثاء 28-5-2019
رقم العدد : 16988