الدراما .. عندما تُقارب الأزمة

أغلبية الأعمال السورية تمر على الأزمة بشكل أو بآخر، حيث لا مهرب من تبعاتها، رغم تناقض الآراء تجاه هذا الجانب، فهناك من يرى أن المتلقي بات شخصية مُثقلة بالجراح والهموم والمعضلات الحياتية والعنف وغيره.. فلماذا إعادة إحيائها؟ ويأتي الانتظار هنا لبلورة الرؤيا الاجتماعية والنفسية تجاهها. وهناك آراء أخرى تؤكد أنه من الضرورة بمكان الالتصاق بواقع الأزمة ومكاشفة تفاصيلها بكل جرأة مهما كانت قاسية من أجل معالجة الواقع والاستفادة من كل الإشكالات لتقديم الحلول لها.
كثيرة هي الأعمال التي قاربت الواقع أفلاماً سينمائية وعروضاً مسرحية وأعمالاً تلفزيونية درامية. منها على سبيل المثال مسلسل (ترجمان الأشواق) تأليف بشار عباس وإخراج محمد عبد العزيز، حيث تعمقت محاور العمل العديدة في جوانب حياتيه واسعة، استطاعت عبرها الاقتراب من عمق المعطيات المطروحة الاجتماعية والوطنية والسياسية والإنسانية، وقدمت بطريقة درامية متميزة ومعالجة دقيقة، بحيث مر كل محور على بيئة لها خصوصيتها، فتم تقديم قراءة ذكية للواقع المعاش، إضافة إلى التداعيات التالية والنتائج، بدءا من حياة السجين السياسي إلى الطبيب والمثقف، وقد عاش كل منهم تحولاته وأزماته المتصاعدة بفعل الأحداث، فالجميع يعيش القلق وعدم الأمان للمستقبل، وجمعيهم يفتقدون السلام الداخلي، وهناك فوضى وضياع يتربص بالجميع، ضياع لكل شيء بدءا من الأسرة إلى التوازن الأخلاقي، إلى القيم والى الأمان، ومن هنا نقول إن بينة العمل وسويته الفكرية والفينة والدرامية، تركت أثرها هنا، حيث أحداثها وشخصياتها، رسمت علاقتها المنطقية مع الواقع، فاستطاعت التمكن من مسألة الإقناع، والتقديم لعمل درامي، متقنا في كل الاتجاهات، متعمقا في تفاصيل ذكية قادرة على خلق معادل درامي للواقع، ظهر جليا في سلوكيات الشخصيات وقيمها وأفعالها، وقد استطاع بمعطياته جذب الجمهور.
وبالتالي يمكننا القول إن العمل الناجح بمعطياته وعناصره ينعكس بشكل أو بآخر على إقناعنا بأهمية مناقشة الأزمة، عندما يتوافر الأسلوب الدرامي المنطقي المقنع، في نفس الاتجاه أيضا يأتي مسلسل (مسافة أمان) إخراج الليث حجو الذي قارب الأزمة، عبر مجموعة من الحالات الاجتماعية التي كانت صورة أخرى للأزمة وتجلياتها عبر العديد من الشخصيات، وقد قدمت بأسلوب درامي مؤثر، استطاع أن يأخذنا إلى عالمه وتقديم مشاعر مزدحمة بجراح الأزمة وويلاتها، نقبلها نتيجة معالجة درامية مقنعه، بعيدا عن المبالغة بل دارت في مساحة درامية متوازنة قادرة على الخوض في التفاصيل الواقعية، والمرور على أحداث حقيقية بأسلوب درامي غني بكثير من التفاصيل، مضافا إلى الأداء التمثيلي للفنانين السوريين، فكان موضوع الخطف، وتجارة الأعضاء والهجرة والمعاناة الكثيرة، كلها فرضت ذاتها، وتقول إنه لابد من المعالجة والبحث عن الحلول من الواقع، وليس التعامي عنها أو تأجيلها، ثم البحث عن كل مؤثر لعب دوره في الوصول إليها.

آنا عزيز الخضر
التاريخ: الأربعاء 5-6-2019
الرقم: 16994

 

آخر الأخبار
بانة العابد تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال 2025   لبنانيون يشاركون في حملة " فجر القصير"  بحمص  ابتكارات طلابية تحاكي سوق العمل في معرض تقاني دمشق  الخارجية تدين زيارة نتنياهو للجنوب السوري وتعتبرها انتهاكاً للسيادة  مندوب سوريا من مجلس الأمن: إسرائيل تؤجج الأوضاع وتضرب السلم الأهلي  الرئيس الشرع يضع تحديات القطاع المصرفي على الطاولة نوح يلماز يتولى منصب سفير تركيا في دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً  الجيش السوري.. تحديات التأسيس ومآلات الاندماج في المشهد العسكري بين الاستثمار والجيوبوليتيك: مستقبل سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية الأولمبي بعد معسكر الأردن يتطلع لآسيا بثقة جنوب سوريا.. هل تتحول الدوريات الروسية إلى ضمانة أمنية؟ "ميتا" ساحة معركة رقمية استغلها "داعش" في حملة ممنهجة ضد سوريا 600 رأس غنم لدعم مربي الماشية في عندان وحيان بريف حلب من الرياض إلى واشنطن تحول دراماتيكي: كيف غيرت السعودية الموقف الأميركي من سوريا؟ مصفاة حمص إلى الفرقلس خلال 3 سنوات... مشروع بطاقة 150 ألف برميل يومياً غياب الخدمات والدعم يواجهان العائدين إلى القصير في حمص تأهيل شامل يعيد الحياة لسوق السمك في اللاذقية دمشق.. تحت ضوء الإشارة البانورامية الجديدة منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز