بوشكين .. شاعر الواقعية في العصر الرومانسي

   ملحق ثقافي..إعداد: رشا سلوم :

حلت ذكرى مولد شاعر روسيا العظيم ومؤسس لغة الأدب الروسى الحديث ألكسندر بوشكين (1799-1837)، والذي اختارته الأمم المتحدة كي يكون يوماً للغة الروسية.
ويأتي الاحتفال باليوم العالمي للغة الروسية في 6 حزيران من كل عام، وذلك في إطار جهود الأمم المتحدة لتعدد اللغات والثقافات، ولرفع مستوى الوعي التاريخي والثقافي وإنجازات كل لغة من اللغات، وبناء على مبادرة اليونيسكو، المنظمة العالمية للئربية والثقافة والعلوم، أعلن في 19 شباط 2010 الاحتفال بكل لُغة من اللغات الرسمية للأمم المُتحدة، وتقرر تكريم اللغة الروسية في 6 حزيران الذي يتزامن مع يوم ميلاد شاعر رُوسيَا العظيم ألِكسندر بُوشكِين.
وبحسب ما نشره موقع «روسيا اليوم» الإخباري الروسي، كان ميلاد الشاعر الروسي الكبير ألكسندر بوشكين، في مدينة موسكو لسيرجي بوشكين الذي كان ينتمي لعائلة نبيلة قديمة، بينما كانت والدته ناديجدا ابنة أوسيب هانيبال وماريا بوشكينا، وحفيدة أبرام هانيبال الشهير بـ»زنجي بطرس الأكبر» الذي كان أسيراً، وكان ميلاده باسم إبراهيم في الحبشة لأحد الأمراء الذين كانوا يتبعون السلطان العثماني، ووقع في الأسر عام 1703 وأرسلوه إلى قصر السلطان في القسطنطينية. وفي عام 1704 اصطحبه السفير سافا راغوزينسكي إلى موسكو، وتم تعميده فأصبح بطرس الأكبر أباه الروحي، وتربى وتعلم تحت رعايته وأصبح مهندساً عسكرياً وجنرالاً كبيراً في الجيش، تزوج أبرام هانيبال وأنجب أوسيب هانيبال جد الشاعر.
كتب الشاعر بعض القصائد في قالب الخطابات الموجهة إلى الأصدقاء والمقربين، ومن أشهر القصائد التى كتبها بوشكين: «صباح شتوي»، «أذكر تلك اللحظة الرائعة»، «أحببتك..»، حيث تميزت قصائده بخفة الميزان الشعري والقدرة اللحظية على تذكرها من القراءة الأولى.
كما تأثر بوشكين بثقافة الشرق العربي وروحانياته في العديد من مؤلفاته، فقد تنقل بين حكايات الليالي في قصيدة «روسلان ولودميلا»، حيث حكت له شهرزاد عن ذلك العالم السحري، كما بحث عن العلاقة الصحيحة بين الحاكم والمحكوم في شخصية هارون الرشيد، واتجه إلى القرآن الكريم في قصيدة «محاكاة القرآن» بحثاً عن القيم الأخلاقية، كما كتب قصائد من «الوحى العربي» «لما هي حزينة كليوباترا» وقصيدة «الرسول»، وغيرها من مؤلفاته التى استوحت الشرق العربي الإسلامي.
قتل الشاعر ألكسندر بوشكين أثناء مبارزة له مع المواطن الفرنسي جورج دانتيس، حيث دعاه بوشكين للمبارزة دفاعاً عن شرفه حينما تلقى الشاعر وعدد من أصدقائه عام 1837 رسائل تتحدث عن علاقة بين زوجته وبين الفرنسى دانتيس. أصيب بوشكين في المبارزة وتوفي عقب الإصابة برصاصة في بطنه، بعدما فشل أفضل أطباء روسيا في علاجه، بمن فيهم أطباء القيصر شخصياً.
محطات في حياته
ألكسندر سيرغييفيتش بوشكين، شاعر وكاتب مسرحي وروائي في العصر الرومانسي يعتبره الكثيرون الشاعر الروسي الأكبر ومؤسس الأدب الروسي الحديث.
وُلد في 6 حزيران/ يونيو عام 1799 في موسكو عاصمة روسيا الاتحادية. تعلم اللغة الفرنسية قراءةً وكتابة من والديه، كما كان يقضي الكثير من الوقت في القراءة من مكتبة والده. غالبًا ما كانت ترعاه جدته مع باقي أخوته وتخبره بالقصص والحكايات الروسية التقليدية. توفي في سن 37 إثر إصابته بطلقٍ ناري في مبارزة.

إنجازات
في أشعاره الأولى استلهم بوشكين من الشعراء المعاصرين له أمثال فاسيلي جوكوفسكي.. أكمل بوشكين عمله الأول (1820) والذي كان قصيدة شعرية مكتوبة بطريقة السردية المستوحاة من شعراء مثل لودفيغو أريوستو وفولتير، ولكن المطعمة بالفلكلور والتراث الروسي، وكانت القصيدة تتحدث عن رسلان البطل التقليدي الذي يخوض المغامرات لينقذ حبيبته لودميلا التي اختطفت من قبل الساحر الشرير.
هوجمت القصيدة من قبل المدرستين الأدبيتين في ذلك الوقت الكلاسيكية والرومانسية، لكنها جلبت الشهرة للشاعر الروسي، حتى أن الشاعر المشهور جوكوفسكي قدَّم له صورة موقعة كتب عليها إلى الطالب المنتصر من الأستاذ المهزوم.
في عام 1817 قبل بوشكين وظيفة في مكتب الخارجية في سان بطرسبرغ، حيث تم انتخابه لدائرة أدبية خاصة تدعى أرزاماس. كما انضم إلى جمعية «المصباح الأخضر» التي كان الهدف الأساسي منها مناقشة الأعمال الأدبية والتاريخية، لكنها تحولت لاحقًا إلى جناح لمجتمع سري، وكان بوشكين يوزع آراءه السياسية في منشورات ويتحدث باسم الثوار الذين قادوا عام 1825 ثورة لم يكتب لها النجاح.
نُفي بوشكين على إثر ذلك إلى مقاطعة جنوبية نائية تدعى يكاترينوسلاف حيث أصابه المرض هناك، وبعد تعافيه سافر إلى شمال القوقاز ثم شبه جزيرة القرم، وقد مدته هذه الرحلات بالإلهام لقصائده، فكتب عدة قصائد شهيرة.
على الرغم من أن هذه الأشعار أكدت مكانته الأدبية وجعلته الأهم في مجال الشعر الرومانسي والمحب للحرية في روسيا وخاصة لجيل العشرينيات من القرن التاسع عشر، إلا أن ذلك لم يرض طموحه، فبدأ عام 1823 العمل على عمله الذي سيصبح الأهم وهو سفغيني أونيغين، هذا العمل الذي استمر فيه لمدة ثمان سنوات متقطعة، قدَّم فيه بطلاً أنموذجياً من عمره، ولكن بتوسع أكبر وأساليب أدبية جديدة.
صوَّر بوشكين من خلال هذا العمل الحياة الروسية من خلال شخصياته الرئيسية، أونيغين، المشكك اليائس، لينسكي الشاعر الرومانسي المحب للحرية، تاتيانا البطلة التي كانت أشبه بدراسة معمقة للمجتمع الأنثوي الروسي، ورغم أن هذا العمل الأدبي شُبّه بأنه قريب من دون جوان، إلا أن الاختلاف الواضح كان بأن بوشكين لم يبني قصته في عالم خيالي، بل كانت مستمدة من قلب الحياة الروسية وخاصة بين موسكو وسان بطرسبرغ.
تم نقل بوشكين إلى كيشينيوف ومن ثم إلى أوديسا حيث عرف الحب، وكان يكتب الرسائل إلى أصدقائه والتي أصبحت فيما بعد أعمالاً خالدة في النثر الروسي، وفي إحدى هذه الرسائل التي تمكنت الشرطة من الوصول إليها، كان قد عبَّر عن بداية ميول إلحادية لديه، وهو ما أدى لنفيه مجددًا إلى ميخايلوفسكوي في الطرف الآخر من روسيا.
رغم أن الفترة التي قضاها في منفاه الجديد كانت حزينة له، إلا أنه استغل سني الوحدة هذه في دراسة التاريخ الروسي حياة الفلاحين والفلكلور الخاص بهم، وهو ما أثر بوضوح على أعماله فكانت قصيدة «الغرفة الجسر» 1825 مثالاً واضحاً عن الحياة الروسية الطبيعية البسيطة.
كما كتب أيضاً في ميخايلوفسكي فصولاً من يفغيني أونيغين، بالإضافة إلى واحد من أعماله الهامة وهي المأساة التاريخي بوريس غودونوف والتي أنهاها عام 1831، وكانت متقاطعة مع المبادئ الشعبية لمسرحيات وليام شكسبير والتي كتبت للعامة.
إحدى أهم المسرحيات التي قدمها بوشكين كانت «محاكمة الناس»، والتي تدور أحداثها في القرن السابع عشر حيث كانت روسيا تعيش صراعاً سياسياً واجتماعياً وبطلها كان بوريس غودونوف صهر ماليوتا سكوراتوف والمقرب من القيصر إيفان الرهيب، وقد قدمته المسرحية على أنه قاتل ابن إيفان الصغير. قدرة بوشكين على بناء هذه المسرحية وتطوير الأحداث فيها نفسياً واجتماعياً وتاريخياً جعلها واحدة من أهم الأعمال الدرامية في تاريخ الأدب الروسي.
خوفًا من تأثير بوشكين على الناس من خلال أعماله، قام القيصر نيكولاي الأول بالعفو عنه وإعادته إلى موسكو، وبعد نقاشات مطولة معه أخبره بنيته إجراء إصلاحات أساسية منها تحرير العبيد، رأى بوشكين بأنه بدون دعم الناس فالطريقة الوحيدة لتحقيق الإصلاح هي من الأعلى أي من خلال القيصر نفسه، وهو ما يفسر اهتمامه المستمر بالإصلاحات السياسية ومحاولته نقل تجربة القيصر بطرس الأكبر إلى القيصر الحالي.
في قصيدة «الفارس البرونزي» يطرح بوشكين قضية الانسان البسيط الذي يدمره القيصر، وذلك من خلال سرده لقصة الفيضان الذي أغرق سان بطرسبرغ عام 1824، حيث يصف تجوال بطله يفغيني في الشوارع حزيناً على غرق حبيبته، ليرى القيصر منقذاً تمثاله البرونزي على ظهر حصان ويدرك أنه سبب حزنه ومأساته. إن التوصيف والمشاعر التي تضمنتها هذه القصيدة جعلتها واحدة من الأعمال الهامة في الأدب الروسي.
وصل بوشكين إلى ذروة إبداعه بين عامي 1829 و1836، حيث كانت معظم الأعمال التي ألفها في تلك الحقبة ذات تأثير وبصمة هامين في الأدب الروسي.

التاريخ11-6-2019

رقم العدد:16997

 

 

 

 

آخر الأخبار
انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق The national interest: بعد سقوط الأسد.. إعادة نظر بالعقوبات على سوريا بلدية "ضاحية 8 آذار" تستمع لمطالب المواطنين "صحافة بلا قيود".. ندوة لإعداد صحفي المستقبل "الغارديان": بعد رحيل الديكتاتور.. السوريون المنفيون يأملون بمستقبل واعد باحث اقتصادي لـ"الثورة": إلغاء الجمرك ينشط حركة التجارة