الطريق إلى الأرشيف..!

 

لا أنكر سعادتي عندما كنتُ أستمع لمداخلة أحد الأصدقاء في جلسة حوار سياسي مطعّمٍ بالاقتصاد، ولا سيما عندما راح يشيد بالقطاع العام، ويحثّ على ضرورة دعمه ومساندته، لأنه الضمانة الحقيقية للدولة وللمجتمع، مستهجناً توجهات البعض نحو مشاركة القطاع الخاص فيه، ورأى أن القطاع الخاص إن أراد أن يشارك فليشارك بالشركات الفاشلة ليكون السبب في إنقاذها..! أما مشاركته في المؤسسات الحكومية الناجحة والرابحة ليست أكثر من حالة استغلال ولا تنسجم مع نهجنا الذي ينشد العدالة الاجتماعية، كما قال صديقنا.
وما إلى ذلك من العبارات والمصطلحات التي تكاد تغدو من الذكريات، وهي في طريقها إلى الأرشفة، فقد تراجع هذا النّفسُ كثيراً في هذه الأيام، وهو في الواقع لم يتراجع عبثاً، وإنما نتيجة التجارب الصعبة والمؤلمة والفاشلة في كثيرٍ من الأحيان للقطاع العام على الرغم من المقدّرات الهائلة التي وضعت تحت تصرّفه، ولكن المؤسف ولأسبابٍ عديدة – ومن خلال نتائج أعماله – ضرب لنا في أغلب المرات الأمثلة الكبرى في الخسائر وسوء الإدارة، وفي الفساد التي صارت أطنابه مضروبة في كل مكان.
ومع هذا فقلوبنا دائماً مع دعم القطاع العام، وقلوبنا تهفو إليه لأنه بالفعل ضمانة حقيقية، ولكن لا بدّ من تغيير سياساته، فهو بهذا الشكل سيبقى فاشلاً فاسداً، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فاقتصادنا اليوم لم يعد اقتصاداً اشتراكياً، ولا رأسمالياً، ولا اقتصاد سوق اجتماعي، اقتصادنا لا اسم له ولا عنوان ولا هوية، ولعل هذا أمر طبيعي في زمن الحرب والحصار، حتى أن الحكومة أقرّت بذلك من خلال (البرنامج الوطني التنموي لسورية في ما بعد الأزمة) حيث أشارت إلى أنه بعد انقضاء الحرب وبعد مرحلة الانتعاش ورسم ملامح الاقتصاد السوري، التي تلي مرحلة التعافي، القادمة بعد مرحلة الإغاثة والاستجابة للاحتياجات (والتي نعيشها حالياً) بعد مرور تلك المراحل كلها فإن البرنامج المشار إليه يتطلّع إلى إعادة هندسة الاقتصاد السوري وتحديد هويته، وذلك من خلال حوار وطني شامل.
ولذلك نقول: إن ما أطلقه صديقنا على حين غرّة أمر مهم جداً بأن يُطرح عبر حوار وطني يتوصل إلى تحديد هوية اقتصادنا وإعادة هندسته بالشكل الأفضل والذي يلائمنا، وكم نتوق بالفعل لأن يُفضي ذلك الحوار الوطني المنتظر إلى أن يعطي مدّاً كبيراً للقطاع العام ولكن مع ضمان حسن الإدارة الكفيلة بوضع حدّ للفساد والقضاء عليه.
ولكن بالنسبة للقطاع الخاص فصار لا بد من الاعتراف بأنه قطاع وطني، والبلد بحاجة إلى طاقاته ومقدراته، وهو أيضاً بحاجة لأن يعمل آمناً مطمئناً في وطنه سواء بمفرده أم بالتشارك مع القطاع العام.

علي محمود جديد

التاريخ: الأثنين 5-8-2019
رقم العدد : 17041

آخر الأخبار
العلاقات السورية الروسية .. من الهمينة إلى الندية والشراكة  الصحة النفسية ركيزة الرفاه الإنساني  حملة "فسحة سلام" تختتم مرحلتها الأولى  بفيلم "إنفيكتوس"   قادمة من ميناء طرابلس..الباخرة "3 TuwIQ" تؤم  ميناء بانياس "الزراعة الذكية"  للتكيّف مع التغيرات المناخية والحفاظ على الثروات   "التربية والتعليم": مواءمة التعليم المهني مع متطلبات سوق العمل إجراءات خدمية لتحسين واقع الحياة في معرّة النعمان من قاعة التدريب إلى سوق العمل.. التكنولوجيا تصنع مستقبل الشباب البندورة حصدت الحصّة الأكبر من خسائر التنين في بانياس  دعم التعليم النوعي وتعزيز ثقافة الاهتمام بالطفولة سقطة "باشان" عرّت الهجري ونواياه.. عبد الله غسان: "المكون الدرزي" مكون وطني الأمم المتحدة تحذِّر من الترحيل القسري للاجئين السوريين الجمعة القادم.. انطلاق "تكسبو لاند" للتكنولوجيا والابتكار وزير العدل من بيروت: نحرز تقدماً في التوصل لاتفاقية التعاون القضائي مع لبنان "الطوارئ" تكثف جهودها لإزالة مخلفات الحرب والألغام أردوغان: اندماج "قسد" بأقرب وقت سيُسرّع خطوات التنمية في سوريا "قصة نجاح".. هكذا أصبح العالم ينظر إلى سوريا علي التيناوي: الألغام قيد يعرقل عودة الحياة الطبيعية للسوريين مدير حماية المستهلك: تدوين السعر مرتبط بالتحول نحو مراقبة السوق الرابطة السورية لحقوق اللاجئين: مخلفات الحرب تعيق التعافي