توهم ثابت أنه فارس لا يشق له غبار وأن الحياة تؤخذ غلاباً.. فالخبرة والحرفية والمهنية الحياتية والعلمية (ليوسف) ليست سوى كلمات ويمكن تهميشه أو تحجيمه وكذلك إلغاؤه..
حاول إقناع أقرانه وأقاربه باستعراضاته البهلوانية.. وحين أيقن أنهم يشككون بقدراته.. أقسم عليهم بالحضور إلى ساحة القرية.. استجابوا لرغبته وإصراره على مشاهدته يمتطي صهوة حصانه ويضع (يوسف) المتمكن من استخدام أدواته وراءه ويسقطه.. صفق له الجميع.. علت الأصوات في ساحة القرية، فارسان على ظهر الحصان أحدهما سيرمي الآخر أرضاً.. بعد قليل سيتضح من الفارس ومن مدعي الفروسية.. الحصان شرس.. قوي.. حركته سريعة.. ما إن أعلن الحكم الانطلاقة وضرب الحصان حتى انطلق بسرعة غير متوقعة.. فمع أول انحناءة رأس الحصان أصبح ثابت أرضاً.. نهض بسرعة الباشق ولم يهن عليه بقاء (يوسف) على ظهر الحصان.. جاء إلى خلفه ونكزه فلم يشعر إلا برفسة أفقدته وعيه وأدمته من قوتها.
وعلى أثرها دخل المشفى.. ورغم كل ما حدث كان يهلوس وهو قابع في السرير كيف أسقطه؟ لماذا.. وكيف سقطت؟ كم من نمطية (ثابت) أشخاص موجودون في السلم الوظيفي في مختلف المؤسسات والمنشآت العامة والخاصة يحاولون إلغاء زملائهم أو التعامي عن كفاءاتهم التي يتوقف عندها.. والاكتفاء بالتنظير.. وكم من خامة يوسف أيضاً موجودون في هذه المؤسسات يمتلكون حساً معرفياً وجمالياً وتكاد أرواحهم تتشظى من المدعين والمتورمين الذين سيصيبهم ما أصاب ثابت عاجلاً أم آجلاً.
علاء الدين محمد
التاريخ: الخميس 22-8-2019
رقم العدد : 17053