تنشئة طفل ليكون «معوقاً» بمحض ارادتنا ، ليس بالأمر اليسير و لا يأتي على طبق من فضة، فالآباء و الأمهات الذين قرروا بملء عواطفهم و فيض مشاعرهم و طوفان حبهم أن ينشئوا طفلاً معاقاً رغم سلامة الجسد و تعافي الحواس ، يبالغون في الرعاية و يتجاوزون حدود الاهتمام ويغرقونهم ببحر من الغنج و الدلع و الدلال ، و إن انتقدتهم لتصرفات مبالغ فيها.. قالوا.. ما زالوا أطفالا بحاجة لرعاية.. فيبذلون مزيدا من الجهد حد الانهاك ليكون الأبناء في حضن الراحة وعلى صدر الاتكالية فاقدي المسؤولية .
مدللون و مدللات صغار لا يتقنون سوى الطلبات و الأوامر، يلبيها الآباء والأمهات بكل رضا و حب غير ممتعضين ولا كارهين، يهرعون لتنفيذ أوامر صغارهم حتى البسيطة منها و التافهة ، و كأنهم معوقون فلا يبذلون أدنى جهد لخدمة أنفسهم و تلبية متطلباتهم الصغيرة التي لا تحتاج لجهود الغير.
التعب.. التجربة.. الفشل.. النجاح.. مفردات ليست موجودة في قاموس المدللين و المدللات، فهناك من يقوم عنهم بكل أعمالهم حتى جلب كأس من الماء وتحضير «سندويشة بسيطة» ومساعدتهم في تناول الطعام و لباسهم و تحضير الواجبات المدرسية و حتى ملازمتهم أثناء النوم، و اتخاذ القرارات و انتقاء الأصدقاء، فيصبح أطفالنا أشبه بمعوقين حركيا فاقدي الصبر و التحمل عديمي المسؤولية غير متطورين عاطفيا.
لندع أطفالنا يجربون ربما ينجحون أو يفشلون، يسقطون ثم يقفون ، فالدلال ليس أن نكون خدما أو حرسا لأبنائنا ، أو نكون أيديهم و أرجلهم ، كي لا ينشؤوا معوقين حركيا و حسيا بقرار منا.
منال السماك
التاريخ: الخميس 29-8-2019
رقم العدد : 17059