لن تحتاج إلى قلب رقيق حتى ينفطر ألماً، وينكسر خجلاً من بوح الفقراء، تراهم يضربون أخماسهم بأسداسهم عبثاً، فالفشل في إدارة الميزانية حليفهم، بعضهم كسر طوق الصمت بعد أن اشتد بهم ضيق الحال، لعل الميسورين وأصحاب الأيادي البيضاء يسمعون صراخ جوعهم، ويشهدون على جفاف جيوبهم وخواء موائدهم الرمضانية، التي خابت آمالها المتواضعة إثر موجات متتابعة لغلاء التهم حتى الفتات، ولم يبق إلا أمنيات بسد رمق من أجل الصمود والبقاء.
ضجيج الفقر بات يصدح في كثير من البيوت، فوباء كورونا زاد المعاناة التي خلفتها أزمة وطنية ثم نزوح وتبعاته، فهناك معيل فقد عمله، وتلك امراة في مهب رياح تصارع تحديات جمة للحياة، وباتت مهددة بالانكسار والانهيار، معزوفات الفقر ملونة يحاصرها الأسود والرمادي، يؤديها عازفون وكورال غارقون بالتراجيديا على خشبة حياة مهددة بالسقوط أمام أعين تجار الأزمات والأوبئة، الذين أطلقوا العنان لأطماعهم وكشروا عن أنيابهم من دون رحمة ليتفننوا في إشعال المواد الغذائية.
تتابعت أصواتهم كما صخبت معاناتهم.. يختزلها عنوان واحد “بحاجة إلى مساعدة من أهل الخير ” أطفأت صوت الألم الذي شرخ قلبي.. لم أمل سماع شكواهم على أثير إذاعي ببرنامج تفاعلي يعرض أوجاع مجتمع، ولكن يصفعك إنسانياً أن تسمع مسنين وذوي إعاقة يستنجدون العطاء من أهل الهمة في شهر الخير، فهناك من لا يملك أبسط مقومات البقاء واستمرار الحياة، بينما تفوح رائحة الطيبات من جوارهم، ويؤلمهم استعراض افتراضي قاس لموائد رمضانية، هم يجوعون وهناك من يرمي النعم في حاويات القمامة ليلتقطها محتاجون وجياع.
نحن الآن بأمس الحاجة للتكافل الاجتماعي، الذي طالما بث الأمان والتراحم في مجتمعنا، فالغلاء جعل وجبة الفطور والسحور عبئاً ثقيلاً على ميزانيات البعض، ممن فقدوا أعمالهم وتراجعت مدخولاتهم اليومية، بتنا بحاجة للكثير من الإحساس بالآخرين ومد يد العون والدعم بشهر الخير والعطاء.
منال السماك