من نافذة جديدة تطل ليسطع نور إرادتها، ويشع بريق تصميمها ، و تتلألأ عزيمتها كحلي ثمينة رنانة تبوح بقرارها ، بألا تكون إلا تاء تأنيث متحركة غير مكسورة و لا ساكنة و لامربوطة، لا مكان للهاربات إلى الظل والراضخات والمنحنيات أمام تيار قاس يقصم الظهر، لقد قولبتها الظروف و أعادت انتاجها لتغير تلك الملامح المتراخية و المتكاسلة ، فهي الآن معيلة أو مساهمة في الإعالة ، و ربما فضلت الاستقلالية فاتخذت من العمل سلاحا، لتكون متمكنة لا عالة أو عبئا على أب أو أخ أو زوج ..
في قائمة أعمال غير مألوفة تم إدراج أسماء بعضهن ، ممن لم يستسلمن لملل انتظار فرصة عمل تأتي على طبق من فضة ، فتكون على مقاس رغباتهن و تحاكي أحلامهن ، وتحلق بها نحو مستحيل في الزمن الصعب ، فاستعجلت الخطوات نحو عمل يسندها في أيام سوداء لاترحم الحالمات ، ربما تكون دعما لأسرتها وسندا لمجتمعها المتأهب للنهوض و إعادة الإعمار ،عين الاحترام و التقدير تتابعهن بائعات في الأسواق، و منتشرات في شوارعنا يحاربن الظروف القاسية على جميع جبهات العمل، وكأنهن قادمات من عصر يسبق عصرنا الذي أطر المرأة بأدوار تقليدية ، ووضعها في صورة نمطية بأعمال وظيفية تقليدية ، هن الآن عاملات نظافة ترفع لهن القبعة ، ويخطفن الاعجاب كسائقات شاحنات جريئات، و مؤخرا بعضهن أثرن الاستغراب كقارئات عدادات كهربائية يسدن نقصا في كوادر عمالة ضرورية .. ولن تتوانى تاء التأنيث السورية عن خوض غمار أي مجال عملي ، لتثبت أنها نصف المجتمع وأكثر ، تسند أسرتها الصغيرة و تدعم بفاعلية أسرتها الكبيرة .. فهي التاء المتحركة و الفاعلة و المؤثرة..
منال السماك
التاريخ: الأربعاء 15- 1 -2020
رقم العدد : 17169