برزت بشكل واضح ومثير للاهتمام في الآونة الأخيرة مشكلة عمالة الأطفال كواحدة من المشكلات الاجتماعية الآخذة في النمو والتزايد, حيث يزداد التحاق الأطفال بسوق العمل وترك مقاعد الدراسة من أجل الحصول على لقمة العيش بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية الصعبة والقاسية للكثير من الأسر, ومحاولة البعض منها لتشغيل أطفالها بهدف توفير مصدر دخل ناهيك عن العوامل الأخرى التي تؤدي بدورها إلى تفاقم هذه المشكلة كالجهل والفقر والبطالة و التفكك الأسري.
تحفل الكثير من الشوارع والطرقات والحدائق والتقاطعات بأطفال صغار بعمر الورود، يبيعون علب المحارم والدخان والعلكة والبسكويت، ومنهم من يعمل بتنظيف ومسح السيارات أو بمهن أخرى تحرمهم التمتع ببراءة الطفولة وحق التعلم والدراسة, ومنهم من يفترش الأرض والأرصفة والجسور طمعاً بإيجاد عمل, ما يعرضهم للكثير من المشاكل، ربما تتطور لتحويلهم إلى فاشلين في المجتمع أو عبئاً عليه، فعمل الأطفال بيئة حاضنة للانحراف وإنشاء جيل مشوه يكون عالة على المجتمع.
عمالة الأطفال مشكلة مقلقة لأنها تمس فئة الأطفال التي تعتبر أساس المجتمع وعماد مستقبله، لذلك يجب التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة والاهتمام بمرحلة الطفولة باعتبارها مرحلة مهمة في تشكيل شخصية الفرد مستقبلاً, وتنظيم حملة توعية وطنية شاملة بهدف تبصير المجتمع وتعريفه بأضرارها ومخاطرها الجسيمة على الطفل والأسرة والمجتمع، ومعالجة أسباب التسرب المدرسي وتحفيزهم للالتحاق في الدراسة، وتجفيف منابع الفقر والبطالة المؤدية لزيادة أعداد الأطفال الداخلين في سوق العمل، وتوسيع شبكات الضمان الاجتماعي وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأسر حتى لا تفكر باللجوء إلى عمل الأطفال لتوليد دخل للأسر التي يعاني فيها البالغون الفقر والبطالة، وتوفير الحماية الاجتماعية، وإيجاد حلول اجتماعية واقتصادية جذرية تحول دون اضطرار البعض لإرسال أبنائهم للعمل خاصة في قطاع المهن الخطرة, وتشريع القوانين التي تجرم تشغيل الأطفال، ومخالفة أماكن العمل التي تشغلهم وإنزال عقوبات رادعة بحق مشغليهم، بحيث لا تقتصر على الغرامات المالية أو إغلاق محال منتهكي القانون, وتقديم برامج تعنى بهذه المظاهر السلبية.
بسام زيود
التاريخ: الأربعاء 15- 1 -2020
رقم العدد : 17169