وسط الارتفاعات المتتالية لأسعار الأدوية وانقطاع البعض منها، وغياب الرقابة عن السوق الدوائية ومزاجية الصيادلة ومعامل الأدوية بالتسعير وبسبب ضعف قدرة الشرائية للمواطنين، انتشرت مؤخراً ثقافة التداوي بالأعشاب، فباتت الملاذ الأوفر والأكثر اقتصادية في نظر الكثير من الناس ويتم الاعتماد عليها لكونها منتجات طبيعية واعتقاداً منهم أنها آمنة تماماً بعيداً عما قد تحدثه من المخاطر والتداخلات نتيجة استعمالها بشكل خاطئ وعشوائي.
سوق الأدوية بات أشبه بأي سوق تجاري آخر، فملف الدواء أصبح ملفاً تجارياً بحتاً بعيداً عن الهدف الإنساني والطبي وباتت علبة الدواء كأي سلعة أخرى يتم احتكارها وتسعيرها بشكل مزاجي، حيث يقوم بعضهم بشطب سعر الدواء الموجود على العلب ويضعون سعراً من تلقاء أنفسهم، ما يثير استياء المواطنين من تقلب أسعار الأدوية التي لا غنى للمريض من الحصول عليها ويبقى المواطن هو الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، فارتفاع الأسعار الجنوني الذي تشهده المواد الغذائية ومتطلبات الحياة و انخفاض معدل الدخل الشهري يزيدان العبء على المواطن الذي أصبح يحتار بأولوياته بين التدفئة والطعام والدواء والتي أصبحت تشكل عبئاً على معظم المستهلكين، وأصبح من الصعب على المرضى تأمين أدويتهم حتى عن طريق الوصفة الطبية لأن معظمها غير متوافر وقليل منها له بديل، الأمر الذي يضطر صاحبها للبحث عنها في عدة صيدليات من دون جدوى.
بعض المستودعات تقوم ببيع الصيدليات الأدوية المفقودة بمعدل عبوة أو عبوتين فقط بنظام يشبه الحصص وتشترط شراء أنواع أدوية غير مطلوبة أو قريبة من انتهاء الصلاحية، ما يزيد العبء على الصيدلي والمريض، لكون السعر سيرتفع أكثر نتيجة عملية التحميل هذه.
الحفاظ على الصناعة الدوائية ودعمها لتستمر وتحقيق أمننا الدوائي تتطلب مراقبة أصحاب هذه المعامل والمستودعات من خلال طلب الكشوفات الحقيقية لتكلفة المنتج وجودته وتاريخ إنتاجه، وعدم الرضوخ لمطالبهم خاصة أنهم قبل الحرب على سورية حصلوا على امتيازات وتسهيلات وحققوا ولا يزالون مرابح كبيرة.
صحيح أن الصناعة الدوائية تعاني من بعض الصعوبات كباقي القطاعات الصناعية الأخرى، ولكن هناك مغالاة في تضخيم الخطورة من قبل بعض أصحاب المعامل التي لم تعد ترضيهم كل تلك المكاسب والزيادات ما يدفعهم لتحذيرات من أزمة انقطاع وفقدان الأدوية وحدوث خلل بالأمن الدوائي للمواطن.
أروقة محلية- بسام زيود