رقابة غائبة وتجار متحكمون.. من يدير الأسواق والأسعار؟

الثورة – جاك وهبه:

تشهد الأسواق السورية موجة متجددة من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وذلك بالتزامن مع تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي في السوق السوداء، إذ ارتفع سعر الصرف خلال أيام قليلة من نحو عشرة آلاف ليرة للدولار الواحد إلى ما يقارب أحد عشر ألفاً.

هذا الارتفاع انعكس مباشرة على أسعار السلع، إذ قفز سعر كيلو السكر إلى 8 آلاف و500 ليرة تقريباً، فيما تجاوز سعر ليتر الزيت النباتي 20 ألفاً، وكيلو الأرز 13 ألفاً، مع اختلاف الأسعار من سوق إلى آخر.

حلقة مفرغة

الخبير في الشؤون الاقتصادية فاخر قربي، يوضح أن جوهر الأزمة لا يكمن فقط في تقلبات سعر الصرف، بل في طبيعة إدارة السوق وآليات التسعير، ويقول: “ما يحدث اليوم هو أن التاجر يتعامل مع أي تغير في سعر الدولار كفرصة فورية لرفع الأسعار، حتى لو لم يكن قد استورد بضاعته وفق السعر الجديد. أما عند انخفاض الدولار، فيستغرق تخفيض الأسعار وقتاً طويلاً، بحجة تصريف المخزون أو خسارة التكاليف السابقة. هذه الحلقة المفرغة تُحمِّل المستهلك العبء كاملاً، وتخلق حالة من فقدان الثقة بين المواطن والسوق”.

ويرى أن هذا السلوك ليس مجرد جشع فردي، بل نتيجة ضعف الرقابة التموينية وغياب سياسات واضحة لضبط العلاقة بين سعر الصرف وأسعار السلع، مؤكداً أن الحل يبدأ من تسعير مركزي شفاف يعتمد على التكلفة الفعلية للاستيراد، بحيث لا يترك المجال للمضاربة أو التلاعب، كما يشدد على أن وجود منصة رسمية معلنة لسعر الصرف من شأنه أن يحد من الفوضى، ويضع حداً لاستخدام “السوق السوداء” كمرجع أساسي للتسعير.

سلة غذائية

ويضيف الخبير قربي: إن الدور الحكومي يجب ألا يقتصر على المراقبة والمعاقبة، بل أن يمتد إلى التدخل الإيجابي المباشر في السوق من خلال مؤسسات قادرة على تأمين المواد الأساسية للمواطن بأسعار معقولة، الأمر الذي سيجبر التجار على إعادة النظر بهوامش أرباحهم.

وفي هذا الإطار، يرى قربي أن من أبرز الحلول العملية المطروحة حالياً هو تخصيص سلة غذائية مدعومة لكل أسرة سورية، تتضمن المواد الأساسية مثل السكر والرز والزيت والشاي بأسعار ثابتة ومقبولة، هذه الخطوة– برأيه– سيكون لها أثر مزدوج، فمن جهة توفر للمواطن الحد الأدنى من احتياجاته الغذائية بعيداً عن تقلبات السوق، ومن جهة أخرى تؤدي إلى خفض الطلب على السلع في الأسواق الحرة، ما يساهم في كبح الأسعار نتيجة زيادة العرض مقابل تراجع الطلب.

ولكي تنجح هذه الفكرة، يشدد قربي على ضرورة إيجاد آلية رقابية صارمة تمنع التجاوزات أو تسرب هذه المواد إلى السوق السوداء، وذلك عبر تسجيل إلكتروني أو بطاقات ذكية تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه فقط، ويؤكد أن التجارب السابقة أظهرت أن غياب الرقابة يفرغ أي مبادرة من مضمونها، فيما وجود إدارة حازمة وشفافة يمكن أن يحوّل السلة الغذائية إلى أداة حقيقية لتحقيق التوازن في السوق.

حلول جذرية لا ظرفية

وأكد قربي على أن الاقتصاد السوري اليوم بحاجة إلى حلول جذرية، لا إلى ردود فعل مؤقتة، فإذا لم تكن هناك خطة متكاملة تقوم على ضبط الأسواق، استقرار سعر الصرف، ودعم الإنتاج المحلي، فإن المواطن سيبقى أسيراً لتقلبات الدولار ومضاربات التجار.

وبينما يتابع السوريون يومياتهم المثقلة بالغلاء، يظل السؤال الكبير مطروحاً، هل تستطيع الجهات المعنية كسر هذه الحلقة التي يتسارع فيها ارتفاع الأسعار، بينما يظل انخفاضها بطيئاً ومتثاقلاً؟.

آخر الأخبار
رقابة غائبة وتجار متحكمون.. من يدير الأسواق والأسعار؟ الخريجون الأوائل من الجامعات  للتعيين المباشر في المدارس   تأهيل ثلاث مدارس في ريف دير الزور  التنمية الإدارية تنشر قوائم تضم 40,846 مفصولاً تمهيداً لإعادتهم إلى العمل  تحالف للاقتصاد السوري السعودي.. د. إبراهيم قوشجي لـ"الثورة": لا يخلو من التحديات ويفتح أسواقاً جديد... "أوتشا": خطة إسرائيل لاحتلال غزة تنذر بكارثة إنسانية   الصناعة والتجارة الأردنية: 200إلى 250 شاحنة تدخل سوريا يومياً تعرفة الكهرباء الموجودة..  بين ضغوط "التكاليف والإمكانات"   الاتفاقية السورية- السعودية خطوة استراتيجية لإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني  "إدارة الموارد المائية في ظروف الجفاف بمحافظة اللاذقية" تحديث منظومة الضخ من نبع السن وتنفيذ محطات ... مرسوم  بتعيين إبراهيم عبد الملك علبي مندوباً دائماً لسوريا في الأمم المتحدة  نيويورك تايمز: جرائم نظام الأسد تغيّب مئات الأطفال في متاهة السجون ودور الأيتام الحالة الوطنية الجامعة وتعزيز مبدأ الانتماء والهوية أرقام مبشرة في حصاد ما أنجزته "الزراعة" منذ بداية 2025 تكريم الطالبة مها الدوس بدرعا لتفوقها في شهادة التعليم الأساسي "أوقاف درعا الشعبية" تدعم المستشفيات وجرحى أحداث السويداء تطوير منظومة النقل في حلب وتنظيم قطاع المركبات الزراعة بريف حلب بين التحديات والفرص ارتفاع كبير ومفاجئ للأسعار في أسواق طرطوس.. والرقابة غائبة! "شفاء 2".. يداً بيد لتخفيف معاناة المرضى .. 100 طبيب سوري مغترب لتقديم الرعاية الطبية والجراحية المج...