تحالف للاقتصاد السوري السعودي.. د. إبراهيم قوشجي لـ”الثورة”: لا يخلو من التحديات ويفتح أسواقاً جديدة
الثورة – ميساء العلي:
تأتي الاتفاقيات الموقعة مع الجانب السعودي في الرياض، تتويجاً لما تم الاتفاق عليه في دمشق بالمؤتمر الاستثماري السوري السعودي ودعماً للتعاون السياسي والاقتصادي، وخاصة بعد الجهود الكبيرة، التي بذلتها المملكة العربية السعودية في رفع العقوبات عن سوريا.
وهنا تأتي أهمية زيارة الوفد الاقتصادي السوري إلى المملكة العربية السعودية، من خلال التوقيع على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار والتي تشكل إطاراً تشريعياً وقانونياً لتأمين وضمان وحماية الاستثمار، وهو شرط رئيس لتشجيع وتوطين الاستثمارات.
ومن جانب آخر تؤكد هذه الاتفاقية على السعي الجاد للقيادة السعودية، لمساعدة الاقتصاد السوري على تجاوز تحدياته والنهوض به وتحقيق الاستقرار في المنطقة عموماً.
رغبة مشتركة
في هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي في حديثه لـ”الثورة”: إن العلاقات الاقتصادية بين سوريا والمملكة العربية السعودية شهدت تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، تُوّج بتوقيع عدد من الاتفاقيات الاستثمارية والتجارية التي تعكس رغبة مشتركة في إعادة بناء جسور التعاون بعد سنوات من الجمود.
وأضاف: إن هذا التحول يحمل في طياته فرصاً واعدة للنهوض بالاقتصاد السوري، لكنه لا يخلو من تحديات بنيوية وإدارية قد تعيق تحقيق الأثر المرجو.
وحول الإيجابيات المحتملة لذلك التعاون يقول الخبير الاقتصادي: إننا سنشهد ضخاً للاستثمارات في البنية التحتية، فالاتفاقيات الموقعة تشمل مشاريع في مجالات الطاقة، النقل، والإعمار، ما يساهم في إعادة تأهيل القطاعات الحيوية التي تضررت بفعل الحرب، إضافة إلى تحفيز النمو الاقتصادي المحلي من خلال دخول رؤوس أموال سعودية، قد يؤدي إلى خلق فرص عمل، وتنشيط السوق، وزيادة الإنتاجية، خاصة في القطاعات الزراعية والصناعية، ناهيك عن تحسين بيئة الأعمال، فالتعاون مع مستثمرين سعوديين قد يدفع الحكومة السورية إلى تبني إصلاحات إدارية وتشريعية، لتحسين مناخ الاستثمار، مثل تبسيط الإجراءات وتقوية الشفافية.
ويتابع: إن ذلك التعاون سيعزز الاستقرار الإقليمي، فالعلاقات الاقتصادية قد تكون مدخلاً لتفاهمات سياسية أوسع، ما ينعكس إيجاباً على الاستقرار الداخلي ويقلل من المخاطر الجيوسياسية.
ويضيف قوشجي: إن دعم القطاع المالي سيؤدي إلى فتح خطوط تمويل جديدة، أو دعم المصارف السورية عبر شراكات مصرفية سعودية، ما يخفف من أزمة السيولة ويعزز الثقة في النظام المالي.
تحديات
لكنه بالمقابل يرى أن هناك تحديات وسلبيات تتمثل بالاعتماد المفرط على التمويل الخارجي، ما يؤدي إلى أن الانفتاح الاقتصادي غير المدروس إلى تبعية مالية، ما يضعف قدرة سوريا على رسم سياساتها الاقتصادية بشكل مستقل.
ويشير قوشجي إلى وجود ضعف في البنية الإدارية والمؤسساتية نتيجة وجود الفساد، البيروقراطية وغياب الكفاءة الإدارية، كل ذلك قد يعرقل تنفيذ المشاريع ويحد من فعالية الاستثمارات.
ويضيف: إن تفاوت المصالح الاقتصادية قد ينشئ خلافات حول أولويات الاستثمار، خاصة إذا ركزت السعودية على قطاعات ذات عائد سريع دون مراعاة الاحتياجات التنموية طويلة الأمد.
ويذهب قوشجي إلى تحديات إعادة الإعمار، فعلى الرغم من توفر التمويل، فإن إعادة بناء الاقتصاد السوري تتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد ضخ الأموال، وتشمل إصلاحات هيكلية عميقة.
فرصة تاريخية
الخبير الاقتصادي يرى أن العلاقات الاقتصادية السورية– السعودية تمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد السوري، على أسس أكثر استدامة، لكنها تتطلب إدارة حكيمة، شفافة، ومتوازنة، النجاح لا يكمن فقط في توقيع الاتفاقيات، بل في القدرة على تحويلها إلى مشاريع ملموسة تُحدث فرقاً في حياة المواطنين وتُسهم في تجاوز التحديات الهيكلية التي طالما أعاقت التنمية.
ويختم كلامه بالقول: إن التعاون الاقتصادي والاستثماري مع السعودية، سيؤدي إلى تحفيز الاستثمار المحلي من خلال دخول رؤوس أموال سعودية الذي يخلق بيئة تنافسية تشجع رجال الأعمال السوريين على تطوير مشاريعهم وتحسين الثقة في السوق المحلي، كل ذلك قد يدفع المستثمرين السوريين في الخارج إلى العودة والمساهمة في إعادة الإعمار، ناهيك عن نقل المعرفة والخبرات، فالشراكات مع شركات سعودية قد تتيح للقطاع الخاص السوري الوصول إلى تقنيات حديثة وأساليب إدارة متطورة.
إضافة إلى فتح أسواق جديدة، فالاتفاقيات التجارية قد تسهل دخول المنتجات السورية إلى السوق السعودي والخليجي، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعات الغذائية، وهذا يساهم في تنويع مصادر الدخل ويقلل من الاعتماد على السوق المحلي المتقلب.